سعيد بنگراد
I
إن للصورة مداخلها ومخارجها؛ لها أنماط للوجود وأنماط للتدليل. إنها نص، وككل النصوص تتحدد باعتبارها تنظيما خاصا لوحدات دلالية متجلية من خلال أشياء أوسلوكات أوكائنات في أوضاع متنوعة. إن التفاعل بين هذه العناصر وأشكال حضورها في الفضاء وفي الزمان يحدد العوالم الدلالية التي تحبل بها الصورة.
من هذه الزاوية، لا يمكن للصورة أن تتحول إلى نص إلا من خلال عملية انتقاء مزدوجة : انتقاء العناصرالتي يجب أن تظهر وانتقاء العناصر التي يجب أن تختفي (1)، أي انتقاء ما يسهم في تكوين النص، وانتقاء ما يحضر في نص الصورة من خلال غيابه ( كل شيء يدرك في ذاته وفي علاقته بما يتطابق أو يتناقض معه). وتبعا لذلك، فإن اشتغالها ككون “مغلق” (كون مكتف بنفسه) دال (معقولية العالم الممثل) رهين بقدرتها على إعادة تنظيم العناصرالمنتقاة وفق نمط جديد للتسنين وهو ما يشكل فعلا نص الصورة، أي قدرة مجموعة من “الأشياء” المثبتة في إطار على الإحالة على كون معقول.
ومادامت الصورة هي بالتحديد وليدة إدراك بصري، فإن تمثيل الأشياء داخلها يعود إلى تحويل أنطولوجي لماهيات مادية وتقديمها على شكل علامات، أي باعتبارها عناصر ضمن أنساق سميائية يعد الادراك البصري نفسه بؤرة تجليها. إن التفاعل بين “النظرة” وبين”معطيات التجربة الواقعية” هو وحده الكفيل بتحويل الإدراك البصري إلى نموذج (2) خالق لماهيات يتحدد وجودها ومصيرها داخل أسنن متنوعة منها الثقافي والديني والأسطوري، الخ. ومن هنا كانت أهمية “النظرة” وما ينتج عنها من تحديد لزوايا الرؤية : فكل شيء قابل للتسنين : تسنين الأشياء، ما يظهر منها وما يختفي، وكذا ألوانها وأحجامها وامتداداتها في ما يحيط بها. وبنفس المنطق يدخل وجه الإنسان، جسده وظله، عيناه وأنفه، وقوفه وجلوسه، ليرسم خطوط سيرورة دلالية بالغة الغنى. إن النظرة من هذه الزاوية هي تقطيع للمدرك تقوم به الذات المبصرة في أفق تشكيل وخلق .موضوع لنظرتها. فكل شيء من هذه الأشياء يدخل إلى الصورة باعتبار موقعه داخل نسق سابق. وستكون الصورة هي محاولة لاختراق تلك الأنساق أي زحزحتها وتعديلها وإعادة النظر في نظامها. وعلى هذا الأساس لا يمكن للصورة أن تكون سوى قراءة وتسنين وتأويل لعالم الأشياء. إنها بناء مزدوج : بناء تقوم به عين المصور وأداته أولا، فكل صورة تنظم عناصرها (ترتبها حسب الشكل والحجم واللون) وزاوية الكشف عنها (زاوية التقاط الصورة). وبناء يقوم به المتلقي ثانيا، فكل قارئ يقرأ في الصورة ذاته: يقرأ تاريخه وأحلامه وأوهامه.
ومن هذه الزاوية بالذات تطرح مشكلة الدلالة في الصورة : كيف يتحول “الشيء” إلى علامة وإلى نص وإلى معنى داخل هذا العالم “المتنافر” التكوين؟ وكيف يُمكن بناء عالم دلالي منسجم انطلاقا من الجمع بين عناصر مختلفة الماهيات والاشتغال والانتماء؟. على عكس الكون اللساني حيث تتحدد الكلمة كفعل للتعيين وتتحدد الجملة كفعل للإبلاغ (3) يشتغل عالم الأشياء بطريقة مخالفة. فالشيء لا يحيل على كلمة وليس مساويا لها، إنه من حجم الجملة أوما هو أكبر منها (4). وتبعا لذلك، لا يمكن التعامل مع الأشياء بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع الكلمات. إننا ندرك الأشياء وفق زاويتي نظر : زاوية الشكل الوجودي (قسم الأشياء) وزاوية الفعل التدليلي (الأنساق التي تؤول وفقها الأشياء). وستكون الصورة من هذا المنظور بؤرة تنصهر داخلها البنيتان معا، وتحيل هاتان البنيتان على تنظيم جديد للأشياء والكائنات : انزياح عن الأصل أوتثبيت له أو إعادة لتعريف أشكال وجوده. فالعنصرداخل الصورة ينظر إليه كتمثيل لوجود (ما يدرك في معزل عن الأشياء الأخرى أولا، وما يدرك خارج أي نسق ثانيا)، وينظر إلى تأليف الأشياء كبنية لإنتاج دلالة خاصة بالكون المحين من خلال هذا التأليف.
إن مستويات الدلالة (الدلالات المباشرة والدلالات الاحتمالية) هي وليدة هذه الانزياحات. إنها، بعبارة أخرى، انفلات الشيء من ربقة النسق الأصلي وإرغاماته والذهاب بعيدا في علاقات التقارب أوالتباعد أو مع أشياء من أنساق أخرى: ما الذي يجمع بين الصحراء والبحر؟ وما الذي يجمع بين النجوم والفنادق من جهة، وبين النجوم والممثلين من جهة ثانية؟ وما الذي يجمع بين الحيوية وصابون “زيست”؟ ما الذي يجمع بين العيون المسبلة والحياء؟وما الذي يجمع بين “رايبي جميلة “وبين الاصالة؟ .
II
من زاوية النظر هاته يجب مقاربة الصورة الإشهارية، والكشف عن الطريقة التي تُبنى عبرها الإرساليات المتنوعة. فالتفكير في الصورة الإشهارية لا يمكن أن يتم بعيدا عن نمط (أوأنماط) بناء العلامة البصرية ذاتها. ذلك أن تحديد أنماط التدليل الخاصة بالصورة الإشهارية لا يمكن أن يتم بعيدا عن الموضوعات (الأشياء) الثقافية التي تنتجها الممارسة الإنسانية وبعيدا أيضا عن النماذج الاجتماعية المرتبطة بها. إن هذه المستويات (تركيب الأشياء وتنظيمها وطرق الكشف عنها) بالغة التركيب والتداخل فيما بينها، وهذا ما يجعل من الصورة الإشهارية واقعة دلالية من نوع خاص :
1- إنها لا تملك إلا وظيفتها لأنها محددة بغاية تتجاوزها، إنها مضمون بصري ولساني حامل لواقعة إبلاغية >تمت بلورتها داخل إطار تتداخل فيه أسنن متنوعة منها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والنفسي، الخ<(5). فما يهم في المقام الأول ليس الجانب الجمالي في الدال الأيقوني الحامل للإرسالية الإشهارية، بل قدرته، انطلاقا من حالة ثقافية (حالة نفسية) خاصة بالشريحة-الهدف، على الوصول إلى الدفع بهذه الشريحة إلى شراء منتوج ما.
2- انطلاقا من هذا التصور، فإنها تشتغل كسنن مشكل من علامات ممتلئة، على حد تعبير بارث (6)، أي أن كل العناصرالتي تشتمل عليها مثبتة بشكل موجه داخل سيرورة التدليل (إن الصورة الإشهارية ليست مجرد وصف لمنتوج، إنها تحديد لعلاقات وأنماط للسلوك)، وداخل قاعدة مثلى للفعل، باعتبارهذا الفعل غاية كلية للارسالية الاشهارية (اشتروا المنتوج “س”).
وعلى هذا الأساس، فإن الصورة لا تدرك إلا ضمن نسق كلي يُجزأ وفق وجود أسنن فرعية تمنح العنصر المحين داخل “الكون المغلق” -حسب التعبيرالشهير لبنفنيست- دلالة تنأى به عن أصله المولد لتقذف به داخل دائرة الأنتروبولوجي والإنساني. من هنا، فإن الصورة لا ترتبط بما هو خارجها ارتباط الكل بالكل (وضع بنية كلية في مقابل بنية كلية أخرى). وإنما يتعلق الأمر بربط يتم من خلال مواجهة سلسلة من الأنساق (وهي أنساق توجد خارج الصورة) بنسق واحد (هو نسق الصورة) عبر تحديد انتماء كل عنصر من عناصر الصورة إلى النسق الذي يدل داخله. وسيكون تنظيم الصورة (أي تنظيم الدال أوالدوال الأيقونية) ونمط توزيع الوحدات المكونة لها هما المتحكمين في عملية إنتاج المعنى وتحديد طبيعته.
ويرد إيكو عملية بناء الدال الأيقوني في الصورة الإشهارية إلى ثلاثة مستويات من التسنين، يغطي كل مستوى منها حقلا من حقول الممارسة الإنسانية، ويتعلق الأمر بـ : الأيقون والإيقونوغرافيا والصورالبلاغية.
أ- المستوى الأول خاص بالتسنين الأيقوني، وهو ما يمكن أن يترجم، بلغة بسيطة، في القدرة على تحويل دال لفظي إلى دال بصري. وبعبارة أخرى، فإن المسألة تتحدد في إعطاء المضمون المدرك أصلا من خلال الحقل اللساني معادلا صوريا مثال ذلك : تحديد خاصية “المنعش ” من خلال قطعة ثلج.
ب- ويعود المستوى الثاني إلى التسنين الإيقونوغرافي، ويتعلق الأمر بمجموع التمثيلات البصرية التي تحيل على تشكيل صوري يحتوي في داخله مدلولا مسننا بشكل اعتباطي. ويشتمل إما على تشكيل صوري ذي صبغة تاريخية : “عصابة سوداء” على العين تعني قرصان، الشخص المصلوب الذي يحيل على المسيح (المسيحية عامة)، وإما على تشكيل بصري مرتبط بحقل الإشهار ذاته، فــ العارضة تتميز بطريقة خاصة في الوقوف والمشي واللباس والنظرة.
ج- أما المستوى الثالث فيعود إلى حقل البلاغة، ويتعلق الأمر بإعطاء صورة بلاغية متجلية من خلال حامل من طبيعة لسانية مقابلا بصريا (طاولة مزدحمة بأنواع المأكولات : كناية عن الغنى).(7)
ضمن هذه التسنيات المتنوعة تتبلور وتتشكل الدلالات الممكنة للصورة الإشهارية. وضمنها أيضا تحاك خيوط قراءاتها الفعلية والممكنة، الذاتية و الموضوعية. وعبرها أيضا يتحدد “الوقع” (الجمالي-الإقناعي) المفترض إنتاجه عبر الصورة الإشهارية. فالصورة الإشهارية تستند، من أجل الوصول إلى المستهلك المفترض، إلى “معرفة” بالغة التنوع، معرفة تمتد جذورها (8) إلى الاستعمال الحضاري للأشياء والجسد وللعلاقات الرابطة بينهما. فكل صورة تقدم، على شكل تمثيل أيقوني : حالات (حالات السعادة وحالات الفرح والتعب وكذلك حالات النوم والاستيقاظ)، وتمثل أشياء (أشياء الحياة) وتشير إلى زمن (الليل، النهار، القيلولة، الفجر) وتشير إلى الطقس : (البرد والقر والحرارة والدفئ). وتعد كل هذه العناصر منبعا لكل الدلالات الممكن استنباطها من الصورة الإشهارية عبر تمفصل مزدوج: البناء البصري للإرسالية الذي يتم عبر دال يتشكل أساسا من تصور بصري للكون، والبناء المفهومي المنبثق عن آلية التشكيل البصري للمدلولات كرديف للمنتوج المراد الترويج له. وبعبارة أخرى، فإن الامر يعود إلى محاولة بعث الحياة في المدلولات المفهومية من خلال صبها في تمثيلات بصرية توهم بالواقعية والحقيقة.
III
تتحدد الصورة الإشهارية، على خلاف أشكال التمثيل البصري الأخرى، بكونها صريحة في التدليل والتأويل والغاية. إنها هنا لكي تدل على الإشهار، ومدلولها النهائي لا يمكن أن يكون إلا مدلولا “إشهاريا”. فكل العناصر الموظفة في الصورة يجب أن تقود إلى تحديد مدلول كلي : جودة المنتوج س. وعلى هذا الأساس >فإن دلالة الصورة الإشهارية دلالة قصدية. فمن بعض خصائص المنتوج تتشكل مدلولات الإرسالية الإشهارية<.(9) وبعبارة أخرى، فإن الدلالات الممكن استنباطها من الصورة يجب أن تظل مرتبطة بالمنتوج وألا تقود إلا إلى ما يثمنه ويدفع إلى شرائه. ولعل هذا ما يفسر المظهرالمزدوج للصورة من حيث غنى معانيها وفقر قراءتها. فعلى الرغم من التعددية الدلالية البادية التي توهم القارئ بأنه حر في قراءاته، فإنها منظمة بطريقة لن تقود إلا إلى القراءة المحددة في السنن المولد (10). إن هذا الطابع يعد الضمانة الأساسية والوحيدة لعدم انزياح الصورة عن غايتها الأصلية المحددة في كونها تثمينا لمنتوج ما.
إن تجزيء الصورة هو في بداية الأمر ونهايته تحديد للعناصر التي تحتوي عليها الصورة وربطها بأنساق توجد خارجها، فكل ما يتم تمثيله داخل الصورة لا يتحدد إلا في علاقته بالمنتوج. إلا أن هذا الارتباط متعدد المظاهر والأوجه. فالأشياء مهاجرة وتائهة، وفي بحث دائم عن أنساق وعن دلالات. فالمدلول الذي ينتج عن ارتباط المنتوج بهذا الشيء أو ذاك مدلول هش وقابل للتصدع مع أي تغيير للأشياء أولنظامها. ذلك أن الشيء، كخيال الظل، لا يدل بل يوحي ؛ يوحي من خلال حجمه ومن خلال شكله ومن خلال حركته. ويمكن تحديد هذه الحركية في العناصر التالية على الاقل:
أ- الاستبدال: مثال ذلك : رجل يجلس على أريكة ويدخن السيجارة “س”، سنكون أمام : 1- مدلول أول ونهائي : دخنوا السيجارة “س”، 2- المدلول الثاني، في لحظات الاسترخاء(11) ( الكرسي للعمل والأريكة للحظات الاسترخاء) ندخن السيجارة “س”. فإذا غيرنا الأريكة بالكرسي، أعدنا إنتاج المدلول الأول ولكننا سنكون أمام مدلول جديد : في لحظات العمل ندخن السيجارة “س”.
ب- إبراز مثير للشكل : إن الاشكال هي المدخل الرئيسي نحو عقد مقارنات، او التقريب بين الاشياء، وفي هذا الاطار يستثمر الاشهار، في حالات كثيرة، هذه الخاصية من أجل خلق خلط بين حالتين: حالة حيازة المنتوج وحالة نفسية ( عادة ما تكون جنسية) مثال ذلك ما نشاهده في وصلة إشهارية لنوع من السيارات حيث تقدم خصائص السيارة ومزايها من خلال تدقيق لبعض أجزائها عبر إيماءات ذات بعد جنسي مباشر : التركيز على آلة تغيير السرعة ( vitesse)، التركيز على كرسي السيارة الذي يتحول الى أريكة، ويصاحب كل هذا حركات جسدية عند المرأة تدعم المضمون السابق.
ج- الاستعاضة : نستعيض بشيء من أجل إبراز خاصية لا يسمح القانون بالتعبير عنها، أو لأنها مجردة لا تمتلك خصائص ملموسة يمكن التعبير عنها تصويريا. ففي الحالة الاولى يلجأ المعلن من أجل إبراز السرعة الفائقة لسيارة ما إلى اتقاط صورة تضع السيارة تسير بمحاذاة طائرة تتأهب للاقلاع مثلا. وفي الحالة الثانية يتم التركيز على خصائص مرئية تعود إلى وضعية موحية بخصائص المنتوج مثال ذلك الاشهار الذي يقدم لقهوة سمر. فمذاق القهوة ونسمتها ولذتها تستخرج من علاقة انسانية تجمع بين رجل وامرأة موحية بهذه الخصائص. وسنقدم فيما يلي سلسلة من العناصر التي توضح ما ذهبنا إليه في الفقرة السابقة :
– غنية بنسمتها لحظتها تبتسم المرأة. فالمتلقي يربط بين البسمة والنسمة من خلال الاستعانة بحاستين : حاسة السمع ( غنية بنسمتها ) مع التمديد الموسيقي للكلمات، مما يخلق قيمة دلالية جديدة ليست معطاة مع الكتابة مثلا، وحاسة البصر: مشاهدة المرأة وهي تبتسم، وهنا أيضا تدخل قيمة دلالية جديدة تتجلي في شكل المرأة : طريقة الابتسامة ولمن تبتسم والوضع الجسدي لحظة الابتسام؛ كل هذه العناصر تتضافر فيما بينها من أجل تحديد قيمة دلالية تميل بنا إلى تحديدها في الجنس. إن النسمة والبسمة تمتلكان، من خلال ما سبق، نفس المعنم: الانشراح. هذا ناهيك عن التداخل الصوتي ( الجناس ) بين الكلمتين الذي يؤدي إلى الخلط بين ما يعود إلى المنتوج كخاصية (نسمة ) وما يعود إلى المرأة كتعبير( بسمة ).
– دائما وفية : لحظة التفوه بهذه الجملة يضع الرجل في عنق المرأة عقدا من الذهب. إن وفاء القهوة الذي لا يدرك في ذاته، يدرك من خلال وفاء المرأة. والوفاء جدير بأن يجازى.
– غنية بمذاقها : في هذه اللحظة تركز الكاميرا على عيني الزوجين، ويتعلق الامر بإيحاء يقود المتلقي/المتفرج إلى الاعتقاد بوجود رغبة جنسية عندهما معبر عنها من خلال النظرات.
وعلى هذا الأساس، فإن ثبات المدلول الأول (نقول عنه الغاية النهائية للإرسالية) ليس رهينا بالأشياء المرتبطة به ولا بطبيعتها، بل رهين بنمط التأليفات الممكنة بين الأشياء. والحال أن هذا النمط في الارتباط وفي التأليف هو ما يحدد التلوين الثقافي لاستعمالات الأشياء ولعلاقاتها بالإنسان وموقعها من جزئيات حياته. فالاشياء، كل الإشياء هي التعبير المباشر عن حالات أو أوضاع؛ ولا يتعامل معها الاشهار إلا من هذه الزاوية.
وبعبارة أخرى، فإن العمق الإيديولوجي لوضعية إنسانية ما مثبتة داخل صورة إشهارية (ثابتة أو متحركة) يتحدد من خلال مفهوم أساسي هو “صفة التمثيلية” ( représentatif). فالتمثيلية هي إلغاء ما يخصص لصالح ما يعمم (إن العينة لا تصلح في ذاتها لقياس أي شيء، ولكنها تصلح للتعبير عن حالة محتملة قابلة للإسقاط). إن كل وضعية إنسانية ممثلة داخل الصورة الإشهارية هي عنصر تمثيلي لنموذج حياتي محتمل. وعلى هذا الأساس، يجب النظر إليها باعتبارها نموذجا مجهولا (ويجب أن يظل مجهولا). إنه مجهول لأنه لا يملك في داخله عناصر تمييزه، فالتمثيلية تقود إلى التنازل عن الهُوية الخاصة من أجل ضمان وحدة النوع او القسم. إن الشيء (أوالوضعية) يتحول، داخلها، إلى ممر يقود المستهلك من المحسوس إلى حياة ممكنة، أو حياة محتملة أو حياة على شكل أوهام لا تنتهي.
إن القوة الضاربة للصورة الإشهارية تكمن بالضبط في خلق استراتيجية النمذجة : الفرد يتماهى في النموذج، والنموذج يخاطب الفرد (بإمكانك سيدتي أنت أيضا فعل ذلك). لاوجود للفرد المعزول ولا وجود للشيء المعزول. إن كل شيء يُمَثل، يحيل على أنساق ونماذج : المنتوج وحده متفرد ومعزول وخاص وله إسم وتاريخ وعمق، إنه خزان للقيم وضامنها وحارسها. ولهذا فهو قادر وقابل للتعايش مع كل الوضعيات، إنه ككل القيم الكبيرة كوني وإنساني. إن الأمر يتعلق بتجزيء تقوم به الصورة وتركيب تقوم به الإيديولوجيا. إن النموذج يوجد في الصورة كما يوجد في العين التي ترى وتتوهم وتسقط. إنها، عبر النموذج، تحول الشيء/المنتوج إلى مثير تستحضر عبره الذات الوضعيات كما تستحضر أوهامها ورغباتها.
IV
ألا يمكن القول إذن إن الأمر يتعلق “بتطبيع” (12) وضعية تعد في عمقها، رغم كل مظاهر التكثيف والتجريد هاته، نتاجا لبناء اجتماعي له مواصفاته الطبقية والسياسية والإيديولوجية؟ إن الأمر كذلك. وما يغطي على هذه الوضعية ويخفي الوجه “الثقافي” أي الوجه الزمني الاجتماعي الذي يمنح هذه الوضعية قوانينها هو نمط بناء الكون الدلالي الخاص بالصورة. ويعود هذا البناء إلى مقومين من مقومات الصورة الإشهارية :
1- المعاينة ( le constat) (13)، فالصورة في حالة الإشهار لاتقول أبدا عن نفسها إنها سند لإرسالية إشهارية. إن الصورة تقدم نفسها على أنها تمثيل لوضعية إنسانية عادية يحق لكل فرد التماهي فيها وإدراكها وتحديد عمقها الاجتماعي. وسيصبح من الطبيعي تناول أو استعمال المنتوج “س” داخل هذه الوضعية.
2- إن المفصلة الإيديولوجية للقيم والمنتوج لاتتم عبر تصور “دال كلي” منتج “لمدلول كلي ” معبر، في نفس الآن، عن جودة المنتوج وعن دلالاته الإيديولوجية. إن المفصلة تتم عبرتجزيء مزدوج. يقود الحد الأول داخلها إلى الحد الثاني بشكل طبيعي. التجزيء الأول خاص بالدال. فالصورة التي نتعامل معها باعتبارها دالا كليا يحيل على مدلول كلي تتكون من حيث التركيب ومن حيث إنتاج الدلالة من جزئيات قابلة للاشتغال كدوال تحيل على مدلولات. وبعبارة أقل تجريدا، يمكن القول إن الوضعيات الكلية لكي تفصح عن كامل دلالاتها يجب أن ترد إلى أجزائها المكونة، وسيكون القارئ انذاك مضطرا للنظر إلى كل جزء من هذه الأجزاء ضمن موقعه داخل نسق فكري يعبر عن تصور معين للحياة وللأشياء. أما التجزيء الثاني فهو نتاج للتجزيء الأول ويقودنا إلى تخطي الإرسالية الكلية (جودة المنتوج “س”) والعودة إلى ما تحيل عليه الدوال الجزئية باعتبارها كيانات مستقلة مكتفية بذاتها.
إن هذه المدلولات، التي يطلق عليها بورشي المدلولات التوسطية (14)، أو مدلولات الإيحاء حسب بارث، هي مهد الإيديولوجيا وأساس تشكلها وممرات ترويجها وإعادة إنتاجها. فمادام الترويج لمنتوج ما يتطلب إطارا يتم داخله التمثيل لوضعيات الشيء، فإن كل تمثيل تأويل. وعلى هذا الأساس فإن أي تقطيع للحياة إنما يتم من زاوية نظر محددة. فتقطيع الفضاء مثلا سيقود، بشكل صريح أو ضمني، مباشر أو غير مباشر، إلى تحديد دلالات تخص هذاالفضاء. فإذا كان من السهل الحديث عن جزئية فضائية وتحديدها عبر مدلول لساني كـ : منزل مثلا، فإن التمثيل البصري يحدد التقطيع في منابعه الأولى، أي ضمن ما سميناه سابقا بالشكل الوجودي للشيء الذي يتحول إلى علامة عبرالإدراك الثقافي المفهومي، أي إلى نقطة تدليلية ضمن نسق أو أنساق فكرية. وكذلك الأمر مع باقي أكسسوارات الصورة الإشهارية بما فيها بطبيعة الحال جسد الإنسان وملابسه وأشكال تنقله في الفضاء وفي الزمان. إن هذا التقطيع هو المولد للبؤرالمتنوعة للايديولوجيا.
وسنورد على سبيل المثال صورة إشهارية لنبين من خلالها من جهة نمط اشتغال الدال الكلي والمدلول الكلي ونكشف عن ميكانيزمات إنتاج الأثر الإيديولوجي عبر الوحدات الصغرى للصورة من جهة ثانية.
إن الأمر يتعلق بإشهار لأحد أنواع الزيوت (زيت لوسيور) الذي يتكون من إرساليتين : الاولى لغوية والثانية بصرية. تتحدد الصورة في العناصر التالية : مطبخ وامرأتين وخضر وفواكه، ثم الزيت -المنتوج محل الدعاية. ولقد وضعت هذه العناصر ضمن علاقات اجتماعية محددة : الأسرة. إننا هنا أمام وضعية إنسانية سهلة الإدراك والتَّمَثُّل والإنتاج. إن ما يميز هذه العائلة هو استعمالها لزيت لوسيور. وهكذا تقدم الإرسالية نفسها بشكل بريء و”طبيعيي” كتقرير ووصف لحالة مشابهة لآلاف الحالات حيث تستعمل العائلات زيت لوسيور بشكل “طبيعي”.
إن الأمر في هذه الحالة محصور في تحديد البعد الوظيفي الغائي لعناصر حياتية وضعت أساسا كديكور وأكسسورات متنوعة للمنتوج المراد الدعاية له. وما يحدد المظهرالاستعمالي لهذه العناصر هو وجود إرسالية لغوية تقود العين إلى قراءة واحدة : “استعملوا زيت لوسيور”. إلا أن الأمر قد يتخذ وجهة أخرى إذا نحن “تجاهلنا” المنتوج وحاولنا الاقتصار على تحديد الدلالات الممكن توليدها انطلاقا مما توفره الصورة في مظهرها المباشر.
لقد تغاضينا في الفقرة السابقة عن ذكر بعض “التفاصيل” الخاصة بعناصر الصورة، وسنقوم الآن بعملية إحصاء جديدة لمكوناتها بهدف قراءتها في ذاتها لا باعتبارها سندا لشيء آخر، أي الدفع بها الى تسليم دلالتها من خلال بنائها وعلاقاتها.
تتكون الصورة “تفصيليا” من العناصر التالية : أم وابنتها، الأم تلبس لباسا تقليديا وتتزيى الفتاة بثوب عصري ملائم لسنها. إنها جميلة، جذابة، في مقتبل العمر ومقبلة على زواج كما يتبين من كلام الأم. أمامهما الخير العميم : خضر وفواكه طرية. وتبدأ القصة بإرسالية لغوية تقول : “الخُطَّاب كايْدقُّو في الباب وشَتَّك گاعْ ما تْعلمتي”. وتجيب الفتاة بكلام لا يعني أي شيء سوى التعبير عن رغبة في مواصلة الحوار : “إيوا لَواهْ”، وتنصحها الأم باستعمال : “الطراوة في كُلْ شي”.
انطلاقا من هذه العناصر يمكن استخراج مجموعة من المدلولات التي تعد سندا لمضامين إيديولوجية سيتبين فيما بعد موقعها من التحديد الإشهاري للصورة. ويمكن تحديد هذه المدلولات عبر سلسلة من التقابلات نورد البعض منها :
1- الأم-الفتاة : تحدد هذه الثنائية في مظهرها المباشر، وعبرالمعطيات المادية للصورة، تقطيعا زمنيا للوجود الإنساني عبر خلق ثنائية تتناظر فيها الشيخوخة والشباب (جيل قديم في مقابل جيل جديد). ومن هذه الثنائية ستنبثق سلسلة من التقابلات ليس الغرض من إبرازها هو إلغاء أحد طرفيها لصالح الطرف الآخر بل الغرض منها وصل الحد الأول بالثاني في الزمان وفي الفضاء : امتدادات القيم في الزمان وتطورها على هامش الصراعات بين الأجيال وبعيدا عنها. يتجلى ذلك عبر :
أ – نقل الممعرفة : إن المعرفة التي تمتلكها الأم وما ستتعلمه الفتاة يجب أن يكونا من نفس الطبيعة رغم انتمائهما لجيلين مختلقين. إن الأم تعلم ابنتها، الجيل القديم يلقن معرفته للجيل الجديد (والأمر يتعلق بإرسالية لسانية واضحة حيث يكون النصح هو من باب التلقين)، فلا وجود إذن لصراع بين الأجيال، صراع بين القديم والجديد (الإرسالية تحدد هذه الثنائية من زاوية دلالتها على الأصالة والامتداد العميق في التاريخ الوطني كما يدل على ذلك لباس الأم التقليدي “التكشيطة” ولوازمها).
ب- الاستعمال الجسدي : إن حركات يدي الأم فيها شيء من السلطة (الأمر، التنبيه، التذكير، ويدعم هذه المضامين الإيمائية ما هو وارد في الإرسالية اللغوية). وفي المقابل، فإن حركات الفتاة حركات انعكاسية، فيها دلال وغنج. إن حركاتها لا تدل إلا على أنوثتها : إن صوتها لايجيب، وإنما يخبر عن وجوده، أي عن وجود الفم والشفتين، وحركات يديها لا تحدد مرجعا ما ولا تهتم به، إنها هنا لتحديد الجسد الخالق للحركات؛ إنها لا تثير الرائي إلى شيء ما أو حالة ما في العالم الخارجي بل ثيره نحو نفسها.
2- وتأتي الإرسالية اللغوية (أو جزء منها) لتؤكد امتدادات أطراف الثنائية داخل نفس الفضاء الإيديولوجي/الفكري، تقول الإرسالية :
أ- >الخُطَّاب كايدقُّو فَالباب…<، إن هذه الجملة تحدد طريقة في الزواج : في تصوره وفي إنجازه. وما يثير الانتباه هو التفوه بهذه الجملة داخل فضاء لا يدل على أن أصحابه قابعون في منازلهم في انتظار العريس المبارك (الفضاء الذي تدور فيه الأحداث فضاء يتميز بالغنى وبذوق رفيع وبحداثة). هنا أيضا يتم التركيز على إلغاء أي تناقض بين مظاهر المدنية الحديثة وتقاليد الحياة القديمة.
ب- >اختاري طْراوة فْكلْ شي<، إنها الإرسالية الثانية داخل متواليات التركيب الصوري. إنها وحدة صوتية تثير العين إلى ما هو موضوع في المطبخ. إنها وحدة تفتح الباب أمام التأويلات المتنوعة. فـ”طْراوة” قيمة إنسانية مرتبطة بكل ما هو جميل ومقبول في الحياة : إنها الشباب والنضارة والبداية والانطلاق والصحة.
إن العناصر الأولية لهذه القراءة تحيلنا على خلاصة أولية يمكن صياغتها على الشكل التالي : رسم حدود حياة جديدة عبر قيم قديمة. هكذا تتبدى الصورة بعيدا عن غايتها الإشهارية المباشرة : سلسلة من القيم الممثلة عبر سلسلة من الدوال الصورية واللغوية الدالة علي طبيعة معينة لعلاقات إنسانية. لكننا لا نستطيع مقاومة الرغبة في الذهاب بعيدا وربط سلسلة التقابلات القيمية هاته بالمنتوج لوسيور. وبعبارة أخرى تحديد موقع لوسيور من هذه القيم. على ضوء الخلاصات السابقة يمكن القول إن سلسلة المدلولات التي استطعنا استخراجها من مجموع العناصر المشكلة للصورة ليست معطاة بطريقة مباشرة ولكنها ليست أيضا بريئة وعفوية. صحيح أنها لا تضيف شيئا للمنتوج وجودته ولكنها تؤكد أصالته عبر ربطه بدائرة قيمية مثمنة اجتماعيا وإيديولوجيا :
أ- زيت لوسيور هو زيت المصالحة : مصالحة القديم مع الجديد، مصالحة الأم مع ابنتها، مصالحة القيم القديمة مع أنماط الحياة الجديدة،
ب- زيت الطراوة : (طْراوة فْ كل شي) طراوة الحياة وطراوة الخضر وطراوة الفواكه وطراوة الجسد، جسد الفتاة،
ج- زيت الوفرة، وفرة الغنى، الغنى الحقيقي أوالوهمي. إن الامر يتعلق بشكل من أشكال السعادة الاجتماعية ، إنه نموذج لحياة سعيدة أو حلم سهل المنال (15)
إن هذه القراءة هي قراءة أولية، ذلك أنه لم يكن في نيتنا إعطاء تحليل شامل لهذه الصورة، بل كانت الغاية محصورة في محاولة تحديد نمط التدليل داخل الصورة الإشهارية باعتبارها تزاوج بين الغاية الوظيفية المباشرة وبين إنتاج أو إعادة إنتاج قيم معينة. وبعبارة أخرى لا يمكن تحديد إرسالية إشهارية بعيدا عن تحديد دائرة قيمية يوجد ويُتداول ضمنهاالمنتوج. وعبر هذا المزج تلج الإيديولوجيا إلى ساحة الفعل في غفلة من المتلقي وتتسلل إلى لاشعوره. ولا يتم هذا إلا عبر المدلولات التوسطية التي لا تبدي علاقة مباشرة مع المنتوج.
إن صياغة أجزاء من الحياة عبر التمثيل الصوري يتم من خلال استعادة عصارة القيم المتحكمة في وضعية شعب أو طبقة أو طائفة عرقية، أي تحديد العناصر المكونة لما يطلق عليه الإبستيمي. فمن خلال هذه الصياغة تتم استعادة التاريخ الماضي برموزه وشخصياته ومحطاته الكبرى. بل قد يتجاوز الأمر مجرد استعادة لرموز تاريخية أو أسطورية أو دينية، لكي يتم استثمار بعض الثيميات الانتروبولوجية الكبرى التي ارتبطت بوجود الإنسان ورغباته : الذهب للأصالة الدائمة، الماء للتطهير والبداية الجديدة، الذوبان للذة والجبل للسمو؛ أواستثمار بعض التمثيلات الأيقونوغرافية لتبرير وضعية أو منحها مصداقية ما : الهلال للإسلام، الصليب للمسيح. ففي إشهار لأقراص منع الحمل (كينة الهلال) تلتقط عين المصور مشهدا في غاية الشاعرية حيث تتداخل العناصر الدينية بالعناصر الجنسية بعناصر الارتواء الذاتي : الصيف والليل وشرفة تطل على امتداد فضائي لا حد له وعينا امرأة تقطران لذة تتأملان هلالا لا يغيب. لا يستطيع المحلل تجاهل أن الهلال هنا رمز للإسلام وأن وجوده (وتسمية الأقراص بكينة الهلال) هي >فتوى< تبيح تناول أقراص منع الحمل.
لقد حاولنا في الصفحات السابقة أن نكشف عن بعض أنماط بناء الصورة الاشهارية وعبر ذلك محاولة الكشف عن أنماط التدليل في أفق تحديد البناء الايديولوجي للارسالية الاشهارية. إن ضبط آليات التدليل داخل عالم الصورة يمر عبر ضبط مشكلة دلالة الاشياء في الحياة وفي الصورة وتحديد موقعها من العلاقات الاجتماعية. إن ضبط آليات التدليل داخل الصورة هو خطوة جبارة نحو ضبط آليات التناسل الايديولوجي في رحم الصورة؛ تناسل يقود إلى التطبيع وإلى التكريس وإلى التبرير.
——————————————————
الهوامـش
1- Gauthier , Guy : Vingt leçons sur l’image et le sens, ed edilig, Paris , 1986 p; 11
2- انظر : Grpoupe U : Traité du signe visuel , pour une rhétorique de l’image , ed Seuil 1992 , p. 89
3-انظرA .K. Varga : Discours , récit , image. Mardaga éditeur , Bruxelles 1989; pp; 8-9
4- يرى بارث أن صورة المسدس أو وجوده الفعلي لا يتحددان لسانيا كمعادل لكلمة : مسدس، فأقل وحدة لسانية تكشف عنه هي : هذا مسدس، انظر،L’aventure sémiologique , Seuil 1985 , p . 256
5- Gauthier op cit , p . 5
6-Barthes ,R : rhétorique de l’image ; in Communications 4 , 1964 , p. 40
7-Umberto,Eco : La structure absente , ed Mercure de France , Paris 1972 , p. 239-240
8-بارث، بلاغة الصورة، ص. 41
9- بارث، بلاغة الصورة، ص. 40
10-Porcher, Louis: Introduction à une sémiotique des images , ed Crédif Paris , p. 135
11- يتحدث رولان بارث عن المدلول الذي ينتج عن تأليف لمجموعة من الأشياء ، انظر L’aventure sémiologique ,p. 257
12-إن التطبيع مفهوم مركزي في سميولوجيا بارث. ويتحدد عنده في تحويل العلامات من طابعها الثقافي (إنتاج يتم داخل التاريخ، أي داخل الزمنية الانسانية ) ومنحها طابعا “طبيعيا” (علامات توجد خارج الزمنية ولا تتأثر بها).
13- انظر بورشي، ص. 136
14- بورشي، المرجع السابق، ص. 135
15- بورشي ص 140
المصدر : https://alamat.saidbengrad.net/?p=6720