نظرة حول الفوتوغرافيا بالمغرب*

Bengrad
2021-06-04T22:11:02+00:00
العدد الخامس
13 أغسطس 2020767 مشاهدة

عبد الكريم الشيگر

تاريخ

يضم المتن الفوتوغرافي بالمغرب المرتبط ببداية عهد الحماية ملايين النسخ التي لا تنتظر اليوم إلا أن تصنف أو تحلل من جديد. إن المنظور إليه (vu) واللامنظور(non vu) والمنظور إليه بشكل سيئ (mal vu) بالأمس يسائلنا اليوم. وإخراج هذا التراث البصري إلى الوجود يحدد بشكل ما النظرة التي نحملها حول أنفسنا وحول الآخر(الحماية). إن إعادة الاعتبار لهذا التراث تفرض ذاتها، خصوصا وأن الفترة المعنية شهدت انتشار وازدهار الصورة الفوتوغرافية الاستعمارية.(1)

ماهي الخصائص العامة لفوتوغرافيا من هذا القبيل؟ ما هي بكيفية عامة خلفياتها ومقاصدها؟ إن الصورة الفوتوغرافية التي أخضعت لمقاصد التوسع الاستعماري كانت تشتغل وفق منطق يدعي الموضوعية لأنها كانت متأثرة إلى حد بعيد بالفكر الوضعي المهيمن آنذاك. إنها لم تكن تنتقي إلا >الأنماط الأصلية للأنواع والإثنيات البشرية ولم تكن تنتقي إلا أفرادا يمكن اتخاذهم كنماذج (type) لجميع هذه الأنواع والإثنيات< (م. فريزر). إن ما سمي بالموضوعية هو إذن عملية التنميط (typification)التي تختزل الآخر-الأهلي إلى صورة مجردة قابلة للتبادل ومتعارضة. فمن جهة، هناك الجسد (الأسود، البربري، العربي، المرأة…)، ومن جهة أخرى هناك الشيء (المسجد، الآثار، اللباس). وباعتبار أن الصورة الفوتوغرافية أخضعت بشكل عام لتعليمات واستعمالات متعددة، بل غالبا متناقضة : عسكرية، دعائية، علمية…، فإنها كانت تستجيب إجمالا لسيناريو موضوع سلفا؛ إنها صنف من الصور مفرغة تماما من جانب الصدفة والارتجال ومن الزمنية الطليقة والمتعددة.

لكن بالإضافة إلى الإرادة في الأرشفة والتوثيق، فإن التركيب التقني للآلات الأولى كان نسبيا ناقصا (طول زمن الوضعة (pose)، استحْلاب بطيء، أدوات ثقيلة…) يفسر كذلك هذا الطابع الجامد جدا والمجرد للأجساد كما للأشياء الثابتة و/أو المثبتة. هيمنة الآثار والمناظر الطبيعية، والمشاهد-الأنماط (غالبا ما تكون موضع إخراج شبه مسرحي) كانت مرتبطة في العمق بمبدأ الديمومة أوالثباتية (durabilité) و>طريقة انسداد سجاف آلة التصوير شيئان متلازمان. بشكل عام يتم الانتقال من الثابت إلى الأكثر حركة. بيد أن توافق زمن الصورة مع زمن الموضوع لم يكن شيئا ذا أولوية مع بدايات اختراع الآلة الفوتوغرافية. ربما لنقص ما، ما كان يغري هو التجسيم البالغ الإتقان. هو الوفاء للأشكال، هو التشابه< (م. بوفار).

من منظور الصورة الفوتوغرافية المسماة استعمارية، كان من اللازم أن يكون مبدأ التشابه في خدمة رؤية طوبوغرافية ووثائقية بكيفية باردة وسطحية بالمغرب، الفضاءات المسماة عصرية (ميناء، مطار، شارع) كان لزاما عليها أن تحيل على فضاءات مسماة تقليدية (مدينة قديمة، مقبرة، آثار). التشابه تأكد أنه اختلاف مغرض وغير بريء. المصور الفوتوغرافي أو بالأحرى الإدارة الوصية صاحبة الطلب ونظم قيمها تجلت أكثر وضوحا في تلك الصورة من الأهلي >القطيع البشري< (م. شادلي ، ج. م . إيلجير).

ويبدو اليوم أن هذا النوع من الصور الفوتوغرافية قد صار قديما ومتجاوزا. إن المغرب باعتباره بلدا حيث يتزود الفنان الغربي باستمرار بما تحتاجه مخيلته، يعرف بصفة عامة فئتين من المصورين الفوتوغرافيين. بالنسبة للبعض فإن المغرب ليس إلا موضوعا مؤقتا لكنه ساحر جدا (مثال إرفين بين). وبالنسبة للبعض الآخر، فإن بلد >الشمس الغاربة< قد يغدو موضوعا قائما بذاته. هاري كرويير، ملون غير نمطي، نجح منذ 1970 في تحويل المغرب إلى تركيب جد فخم للفوارق اللونية (tons) (ج. ك. لومانيي). ثمة عمل حديث العهد لا يقل أهمية وقوة، إنه عمل أوين لوكان الذي يظهر بعيدا عن كل استشراق أو غرائبية متخلفة، وبشكل زهيد، زهد الأبيض والأسود، فرادة (كونية) كل وجه على حدة. إنه عمل يندرج بقوة قل نظيرها ضمن التقليد الفوتوغرافي الإنسانوي.

التلقي

لقد أتاح تلقي الصورة بالمغرب عند نهاية العشرينات إمكانية بروز موقفين متعارضين ظاهريا لكنهما مترادفان عمليا إلى حد ما. هذان الموقفان يتشبهان مع فوارق أحيانا دقيقة سجلت في أماكن مع العالم (ج. فروند).

بموازاة شعور الريبة، بل وموقف الرفض، لما نعت بأنه “إشراك بالله”، فإن المرآة الجديدة لم تتوان عن ممارسة تأثير سحري حقيقي على العلماء المثقفين لتلك الفترة (العلوي الديبي). ففي سنة 1928 عرفت مدينة مكناس سجالا لم يكن محركه سوى البورتريه الفوتوغرافي. فالموقف الذي قد نطلق عليه إسم “بغض الصورة” (photoclastie) رفض واستبعد بدون تردد فكرة الوقوف قبالة الآلة كما رفض أيضا فكرة أن >يعرض الإنسان صورته على عامة الناس<. في المقطع التالي يبرز محمد عبد القادر العرائشي موقفه بعدما شاهد صورة المؤرخ عبد الرحمن بن زيدان معروضة في واجهة استيديو بالمدينة: أيا من غاب عن أهل الوداد أدامك ربنا منشي العبـــاد

مصورنا بأحسن كل صورة وذم ذوي التشارك والعناد

فصورتك الشريفة قد تبدت رآها القاطنون وكــل بــ اد

كأن لسانها فيهم يقولــــــــن فها شكلي زوروه من بعاد

ومن حب عليك بلا تناهي تحية ذي المواهب والأيادي

أما الموقف الذي يمكن أن نطلق عليه إسم ؛ “حب الصورة” (photophilie) ، فإنه يؤكد على وجود تطابق بين الأنا و”صورته” ، أي “حقيقته””

أيها الرائي صورتي بعد دفني كل حي مصيره للفــــــــــــناء

إن تغب عنكم حقيقة أمري فصفاتي يشهدن لي بصفائي

أكبر الناس كل طيف خيال وازدروا بالحقيقة العــــذراء

فاقتفيت الآثار عنهم برسم ذاكر من بعد الوفاة وفائي

وإذا ما رحلت عن دار ذل قال فيهم مذكــرا بإبــــائي

لا ريب إذن في أن الصورة الجديدة تم إدراكها أيضا باعتبارها “أثرا”، “حقيقة عذراء”، أي أنها بمعنى ما “نسخة طبق الأصل” : >…لسان حالي قال قطعا… فها شكلي فزوروا من بعاد..< (المؤرخ عبد الرحمان بن زيدان). وبقدر ما يظل محب الصورة مشدوها بقدرة الصورة الفوتوغرافية على إبقاء الغائب حاضرا، فإن كارهها يريدألا تصبح الصورة الفوتوغرافية عالما أوطبيعة ثانية مستقلة بذاتها : >رآها القاطنون وكل باد<، طبيعة مستقلة يمكن أن تضطلع بوظائف وتقترن بدلالات غير متوقعة. إنها قد تنزاح بشكل ما عن “أصلها”.

وسواء كانت الفوتوغرافيا موضوع انبهار أو رفض فإنها كانت في الحالتين، وخصوصا من حيث قدرتها على التسجيل والمضاعفة، تدرك على أنها صورة طبق الأصل؛ إنها الشبيه أوالمماثل. فالموقفان معا يلتقيان باعتبارهما ينفيان بالأساس الواقع المحايث والخاص للصورة. إنها صورة بدون سنن خاص بها ولا تنطوي إلا على بعد مرجعي صرف.

تاريخيا اعتبرت قدرة الصورة/الآلة الفوتوغرافية على التسجيل والمضاعفة (أوالاستنساخ) ظاهرة ذات مردودية لا تعوض. ووعيا من الحركة الوطنية بضرورة امتلاك صحافة حديثة، فإنها شرعت مع نهاية العشرينات في استعمال الصورة الفوتوغرافية. إن البورتوريه للجماعة أوالفرد (وضعة ثلاثة أرباع والوضعة المجابهة de face) احتل مكانة خاصة منذ الوهلة الأولى في أغلب المنشورات لتلك الفترة. كما أن الزعماء والعلماء نشروا ووزعوا إبان هذه الفترة صورا عمومية ورسمية عن أنفسهم يمكن اعتبارها بمثابة ترجمة أوتشخيص ذاتي وجماعي لمشروع سياسي وثقافي.

وبديهي أن تأثيرالمرآة الجديدة تعدى دائرة النخبة المثقفة-الخاصة. وتلقّي الإنسان العادي-العامة للصورة لم يكن يقل دلالة. فثمة دراسة حديثة تكشف عن وجود مجمع-ألبوم متنوع وغني يضم صور العظماء الذين عرفهم هذا القرن منذ الحرب العالمية الثانية إلى حدود التسعينات. إن الإنسان العادي كان يسقط على المجمع-ألبوم رغباته وآماله وخيباته وإحباطاته. أما اليوم، فتحت تأثير المد العارم والضغط المتصاعد للتلفزة صار كيان المجمع-الألبوم يتقلص شيئا فشيئا. وتأسيسا على ذلك، فإن المعاينة الموضوعية للواقع لا يمكن أن تكون إلا متشائمة : >لقد حصل تحول جذري في أشكال وأدوات التعبير. لقد شرع في تجريد الإنسان العادي من ذاكرته لحساب وسائط إعلامية محكومة بمنطق السرعة والزوال حيث أبطالها يعرفون حياة سريعة الزوال أيضا< (م. الطوزي).

الفوتوغرافي

منذ الاستقلال والفنون البصرية تبدو وكأنها قد تطابقت أوكادت تتطابق مع التصوير الصباغي، ولذلك فقد وجهت إشكالية : >العلامة، والأثر، والحركة gesteوالسند support< (ط. مراييني)، الممارسة الصباغية نحو مفهوم ذي بعد واحد في الغالب، فصار >تذكر الأطلال، الآثار، والعلامات المفقودة< (ط. م) اختيارا جماليا عاما إلى درجة تحول معها الفنان -عدا بعض الأسماء المتميزة- إلى >محاسب يعد الذكريات< (ص. م). بل أكثر من ذلك نجد أنفسنا هنا وهناك أمام عملية إنتاج جد مطمئنة ومتواصلة لعلامات عريقة في القدم؛ تتعلق بدون شروط بالعلامات الرمزية والحروفية والأسطورية والتشكيلية… تقدم إلينا في صيغة فضاء مغلق وثابت.

بيد أن هناك سؤالا يفرض نفسه وهو : أليس الفن الحديث فنا فوتوغرافيا بالدرجة الأولى؟ إن الفوتوغرافيا أوالفوتوغرافي photographique يتجاوز نتاج الغرفة المظلمة. فهو يحيل من جهة على فلسفة للزمن (اللاستمرارية، الحادث contingence) ويحيل من جهة ثانية على صيغة في النظر (المائل، العمودي) وفي الفكر أيضا (اقتطاع، تثبيت، قطع، تشظي). هل رحل هذا المفهوم تماما عن الفنون البصرية خاصة والحقل الثقافي عامة؟ ألا يقيم بشكل ما في حقل خاص ثقافي أومعرفي معين؟

لقد أضحت العلوم الإنسانية دقيقة الانتباه حيال ظواهر مثل : “المختلف” و”المتغير” و”الصغير” و”المركب” و”القطاعي”… إنها أكثر قدرة على تحرير الزمن (التاريخ) من “تكلسه” (ف. المرنيسي)، هذا الزمن (التاريخ) الذي طالما >توقف نهائيا عن الانسياب< (ع. العروي) أخذ اليوم يستعيد شيئا فشيئا سيولته.

باجتزاء العلوم الإنسانية لقطع زمكانية تزداد دقة أكثر فأكثر (هكذا يعرف فيليب دوبوا الصورة الفوتوغرافية)، فإنها تتحدى الفنون البصرية بجميع أصنافها. بتعبير آخر : أليس المكتوب اليوم أكثر بصرية من البصري ذاته؟ هناك عدة دراسات أنجزت في حقول الاقتصاد والتاريخ وعلم الاجتماع، الخ.، تعد، بشكل ما، تطبيقا لتلك الفلسفة في الزمن والنظر والفكر. وبفضل وعي حاد “باليومي ” و”التفاصيل” و”بالوثيقة”، فإن عددا من الباحثين يبلورون مقاربة قد لا نتردد في نعتها بمقاربة فوتوغرافية. إنها مقاربة تتناقض بكيفية مباشرة مع المقاربة (أوالرؤية) البانورامية للزمن (أوالتاريخ)، أي مع تلك >الطموحات النظرية الكبرى< ( م. الناجي). إن منطق الاستمرارية والدوام ، أي المنطق الغالب عموما، ومنطق اللاستمرارية والعابر، أي المنطق الآخذ في التبلور بنوع من القوة هنا وهناك، يلزمهما أن يتداخلا ويتفاعلا بشكل أكثر إيجابية : >إذا كانت الصورة الفوتوغرافية دائما في حاجة إلى الفن، فإن الفن قد وجد نفسه في حاجة كبيرة إلى الصورة الفوتوغرافية لكي لا ينفصل عن الحياة التي تنزع إلى الانفلات منه أكثر فأكثر، وكذلك لكي لا ينفصل عن الأسئلة المحرجة< ( ج. ك. لومانيي).

إن الفنون البصرية بالمغرب بما فيها الفوتوغرافيا ذاتها، وهي تنكفئ في فضائها على كيانه في مناحي عدة، لفي حاجة إلى عدم البقاء على هامش إحدى المعالم الكبرى للثقافة الحديثة.

الفوتوغرافيا

يعتبر تطور الفوتوغرافيا بجميع أصنافها وثيقة الصلة إلى حد كبير بإقامة ونمو نظام حقيقي ألا وهو نظام الطلب. ووجهة نظر المؤرخ هنا حاسمة : >إنني لا أنفي وجود الجماليات، لكنها تنبع في جانب كبير منها من الاستعمال وخاصة الطلب< (م. فريزو). وفي المغرب يجب أن نقر بأن مفاهيم مثل : هاوي، فنان، محترف، تجتاز مرحلة غموض مستمر. فلا المنحى الفني (صدور الطلب من ذاتية/مخيلة الفنان) ولا المنحى الاحترافي (خضوع الفنان تماما لنظام الطلب وقواعده) بقادرين على شق سبيلهما بوثوق.

يشغل المصور الفوتوغرافي موقعا غامضا، ولكن بالنظر إلى تأخر المشهد السمعي البصري الوطني (سوق الصور)، فإن هذا الموقع يشكل معطى متوقعا : >إن الطريقة التي أصور بها ليست فنا. فأنا أصف المجتمع ليس إلا< (داود أولاد الصيد ). وباجتناب مؤلف مغاربة (دار النشر Belvisi/ Contre-jour ، باريس، 1989) نعت نفسه بالفنان، فإنه يحاول فعلا أن يستثير ويحفز طلبا طال انتظاره. بل إنه يمتنع عن التعبير عن أقل الشروط : >لقد أنجزت عملا وعرضت ما يهمني. والآن امنحوني الإمكانات أنجز كتابا رفيعا عن الدار البيضاء وبناياتها، واللباس المغربي… لكن الأمر يستوجب طلبات< ( د. أ. الصيد).

يشكل استعداد كهذا جزءا من منطق عام. نادرون هم الفوتوغرافيون عبر العالم الذين يستطيعون قطع صلتهم بنظام الطلب أو-بشكل أقل- مراجعة عوائد (ونزوات ) الطلب، فوكالة ماغنوم (Magnum) وهي تعاونية للإنتاج والتوزيع تديرها منذ 1974مجموعة من الفوتوغرافيين المتعاطين للروبورتاج، تثبت بأننا لا ننفلت من تلك القواعد والشروط (أو النزوات) إلا بتنظيم حرفي حقيقي.

ويبدو أن المخرج، في المغرب، يكمن في الانتقائية. فمسار مصور فوتوغرافي كحميد الزروالي يعتبر شاهدا على هذا التوجه. فبعد نهاية تعامل غني مع مجلة كلمة (1986-1988) كمصور فوتوغرافي-صحفي (الشارع، الاستوديو، الاستطلاع والإخراج )، انتقل حميد الزروالي اليوم بنفس الصرامة إلى ميدان إنجاز برنامج لفائدة القناة الثانية الوطنية (انظر : الفنون التقليدية بالمغرب، وحيوانات المغرب) . وهناك فوتوغرافيون آخرون (عنانو، تولير) يتبعون عمليا النهج نفسه.

في الواقع يتعلق الأمر بتوجه يفرض ذاته. إن العجز في ميدان الصور حاصل بكيفية تغدو معها كل تراتبية قيمية وكأنها مفارقة تاريخية محصنة. وهذه الانتقائية (إشهار، صحافة، تلفزة …) تنسجم مع الوضع العام للقطاع السمعي البصري. كل شيء يدعونا إلى الاعتقاد بأن جل المصورين بالمغرب صاروا على وعي بضرورة استثمار علاقتهم بقطاعين ألا وهما الصحافة المكتوبة والنشر. وخارج هذين القطاعين قد يغدو تطور وتنوع ممارستهم لا أفق له.(2)

وبذلك ينبغي التعامل مع الصورة الفوتوغرافية، أو بالأحرى الصور الفوتوغرافية، على قدم المساواة. غير أن ثمة سؤالا يفرض نفسه بإلحاح : هل أدرك القطاعان المشار إليهما بأن التحديث والمهنية اللذين يعتبران موضوع الساعة الآن يمران أيضا عبر إدماج الصورة بل الصور؟

الصورة الفوتوغرافية

إن عنوان أحد الألبومات الفوتوغرافية الوطنية القليلة، برغلةالجلد (3) Grain de peau (دار شوف، الدار البيضاء، 1974) لمحمد بن عيسى، يحيل على عناصر مقاربة فوتوغرافية ذات راهنية متواصلة. البرغلة (الشريط، الورق …) والجلد (الجسد، التركيب، …) يشكلان في العمق المادتين الرئيسيتين لفوتوغرافية منشغلة بقلق بذاتها وبالواقع.

منذ عشرين سنة نتابع المسارالجنيني، لكنه يزداد فعالية أكثر فأكثر لاختيارين جماليين عامين. فمن جهة، هناك الفوتوغرافيا-الروبورتاج، ومن جهة أخرى هناك الفوتوغرافيا-المادة. والأعمال المقدمة في هذا المعرض تنتمي بصفة عامة إلى هذا الاختيارالجمالي أوذاك.

بالنسبة للفوتوغرافية-الروبورتاج، وهي مدرسة تسمى أيضا بالمدرسة الإنسانوية، فإنها توجه نظرها نحوالخارج وجوانبه المتعددة. مهما كانت الحياة اليومية، أناس وأشياء محيطهم، عادية وبسيطة، فإنها تشكل الموضوع الرئيسي هنا.

بن عبد السلام (شباب وشيوخ)، بن شعبان (رجال ونساء، الصحراء الجنوبية)، مهداوي فضيئات حضرية)، حمامي (برتريهات الفوتوغرافيين) جميعهم يبرزون أن الموضوع هو في نفس الآن متعدد ومتشابه.

الاندماج في حياة الرحل، البدو، الرجال، النساء، الأطفال… >سعداء في زمنيتهم< حسب تعبير محمد بن عيسى رائد الفوتوغرافيا الوطنية، تلك هي رغبة بن شعبان وبن عبد السلام. تعبر صور هذين الفوتوغرافيين عن حنان وتعاطف يصعب أن نبقى غير مبالين إزاءهمـا. إن الروبورتاج يقدم نفسه لدى الأول (مراكش، مالي، مصر…) ولدى الثاني (الرباط، سلا، تطوان…) كنافذة شفافة تطل على واقع أضحى قريبا (لنلاحظ كثرة البورتريهات). اللحظية (instantanéité) وهي تكاد أن تكون مقاربة ثابتة لا تتلف البتة وضوح (لنلاحظ كثرة ضوء النهار والفضاءات الخارجية) الغبطية والرؤية المتعاطفتين.

بيد أن المهداوي يأخذ موقعه داخل سلسلة من الفضاءات المدينية بحساسية، لكن ليس بدون مسافة : عربة قطار، غرفة، مقهى، إلخ. والجدة النسبية للموضوع بديهية، لكن الرهان يوجد على مستوى مختلف يتمثل في طريقة النظر. والأمر يتعلق هنا بالإطار الذي ينطوي على حدة يصير معها مرئيا، بل مقروءا. والإطار والتركيب يتحددان كعملية استخراج دقيقة. يتجلى شكل الأعمال وينهل قوته في آن واحد من الواقع (الهارب) والمخيلة (الدائمة). الزاوية والإطار، وما يوجد خارج الإطار كلها وحدات لا تنفصل عن المعنى الحاملة له. من داخل المقهى، وخلف الزجاج، تصير يد طفل صغير منذ الوهلة الأولى مشهد حلم مزعج. كل تماهي متسرع ومبتهج يجد نفسه متحسرا، شبه مستحيل. يغدو الروبورتاج ذاتية يقظة، متوترة.

من خلال سلسلة من البورتريهات لمجموعة من فوتوغرافيي الحي المحمدي بالدار البيضاء تبرز لدى حمامي بموازاة الهم الاستطلاعي / الإنسانوي معالم انعكاسية تأملية كثيرا ما تغيب لدى الفوتوغرافيين المغاربة. برفضه لكل تصنع، يلتقط حمامي بعناية ثابتة الشخص (المصَوِّر المصَوَّر)، والديكور(استوديو، آلات التصوير، منوارات…) في آن واحد، في هذا المشهد الذي صار اليوم جزءا من المخيلة الأسطورية والكونية شيئا فشيئا الأنا والآخر، بورتريه المصوِّر وبورتريه المصوَّر، ينخرطان بكيفية رهيفة في لعبة مرايا.

وبغض النظر عن التباينات الأسلوبية التي تميز هذا العمل أو ذاك ضمن حقل الفوتوغرافيا-الروبورتاج، فإن ثمة خاصية عامة تجعل هذا الاختيار الجمالي قوي الرغبة في التواصل والتبادل باستمرار ليس فقط مع المصور، ولكن أيضا مع المشاهد-القارئ. ألا تتحول هنا الظواهر والموضوعات المصورة إلى ظواهر مقروءة؟ إن الفوتوغرافيا- الروبورتاج واعية بشكل ما بأن استمراريتها مرتبطة باقترانها مع الصحافة المكتوبة. ولا أدل على ذلك النجاح الذي عرفته معارض الفوتوغرافيين الإنسانويين المغاربة (أ. الصيد، بن شعبان، بن عبد السلام …)، وذلك على مستوى جميع الصحف الوطنية بمختلف اتجاهاتها. ألا ينطوي لقاء هام كهذا بين الصورة والمكتوب على خطورة تحول المرئي إلى مجرد ملحق مزين للمكتوب؟ إلا أن خطورة كهذه -إفقار الصورة لصالح اللغة- تظل غير ذات أهمية مرحليا بالقياس إلى رغبة الطرفين في أن يريا نفسيهما وقد اقترنا. ثمة ضرورة تاريخية أقوى من كل التخوفات النظرية.

بالنسبة للاختيارالجمالي الثاني : الفوتوغرافيا-المادة غالبا ماتركز اهتمامها على البعد التشكيلي أي على نفسها، وهي إذ تبدو أقل انشغالا بالحدث، فإنها تظل منتبهة “لجلدها” و/ أو “جلد ” : “برغلات” الأشياء. إنه اختيار جمالي يرمي في العمق إلى تجاوز مفهوم الصورة المسطحة والمرجعية.

هل من باب الصدفة أن تتعرض الأعمال المنتمية إلى هذا التيار الجمالي إلى موضوعات كالأرض (بن باسيدي)، والماء (حمومي)، والنور والظل (بن اسماعيل، حضيري)، والجسد والحركة واللون (زروالي)، والمشهد الطبيعي (نويكة، بريطل)؟. ينكب بن باسيدي بحب ورقة على مختلف مراحل إنجاز الصورة ابتداء من التقاط الصورة، مرورا بعملية التركيب ، وصولا إلى عملية السحب. لكن عدا حضور >الطبيعة الميتة< (أحذية، سترة، إبريق، شاي…) لا نجد أثرا لأي بعد حكائي. يعجن الفوتوغرافي موضوعه الذي هو اتصال وانفصال النور والظل على غرار ما يفعله الخزفي. ويعد بن باسيدي (رغم قلة أعماله) من القلائل الذين يبرزون بقوة كثافة الموضوع وبعده اللمسي (tactilité). أليس الهدف الجوهري لكل شعرية هو تكثيف حضور الموضوع (“الشئ”)؟

المقاربة المجابهة زاوية تكاد تكون ثابتة على غرار الشكل العمومي، بعيدة عن أن تكون تكرارا مملا لدى بن اسماعيل. إن أزقة مدينة مراكش ليلا تتجدد هنا باستمرار. وبخلاف الاستعمالات المتداولة، فإن اللون هنا لا يفسد البتة النورانية الغامضة للأماكن، والعتبات، والنوافذ… أثناء الليل. لعبة الظل والنور تجعل الفضاء في آن واحد قريبا (متشابها) وبعيدا (مختلفا). إن صورة فوتوغرافية مثل هذه تحرر مشاهدها من كل نزعة طوبوغرافية حتى ولوكانت تميل إلى الصباغية، من تلك النزعة التي تهيمن فيها النظرة المجهولة الهوية والموقف.

يلتقط الزروالي، من جهتة، دراما بصرية، دراما رقصة طقوسية ما. بيد أن استعمال اللون (مرشحة؟ filtre) يشدد منذ الوهلة الأولى على الاختيارالتشكيلي. في جل أعماله يبرز صراع واضح بين الواقع (فضاء، رقصة، جسد)، والصورة (تلطيخ لوني ).

ألا يوجد انزياح مقصود ومتواصل عن النزعة الوضوحية (nettisme) الأثيرة لدى التلصصية الإثنوغرافية والغرائبية؟ إن انبثاق اللون كجذبة تشكيلية لها من الأهمية ما للمشهد الاحتفالي وللمشهد المصور. وبكلمة واحدة، فإن الزروالي يتقدم بين الشاعرية والروبورتاج، بين النزعة التشكيلية و”اللحظة الحاسمة”.

إن التبقيع (مرشحة؟ تداخل صور؟) الذي يعتبر المميز الأول للأعمال الأربعة للزموري يذكر بالمقاربة السابقة. فالواقع المرئي (أزقة مدينة تونس؟ القاهرة؟ مراكش؟…) ينأى عن النظر في الحين، ذلك أنه تم التشويش عليه حتى كاد أن يصير لا مرئيا. تحذونا الرغبة في القول إن الفضاءات التي طالما تم تصويرها بغزارة وبإفراط (النزعة الاستشراقية، الطوبوغرافية…) تبحث عن وجهها، بل تغيره. وباعتبار الزموري رحالة لا يتعب، فإنه شاعر وفوتوغرافي في آن واحد. والصورة لديه مرآة كثيفة، غاوية أكثر منها نافذة.

بالنسبة لحضيري، فإن المشهد البحري لأعماله السابقة كان يكشف عن بعد غنائي، هندسي، شبه تجريدي. الموضوع: مركب، بحر، أفق… كان مختزلا إلـى درجـة أصبح معها علامة شبه خالصة. بيد أن اليوم ينبثق الواقع في شكل نور/ظل، “ثوب الواقع” (بتعبير فرنسيس بونج )، على شكل بقع، عوارض ضوئية. والإشكال اليوم يكمن في المضي أبعد من مجرد تسجيل مناخ ما (أومادة ما).

إن أعمال نويكة (مشاهد طبيعة)، وبريطل (حائط، أسوار) تنهض على صرامة شكلية تامة. تركيب (تأطير) وضوء (ألوان) يحيلان هنا على حرفية أكيدة. لكن السؤال الذي لا يمكن تفاديه هو : كيف العمل من أجل ألا تشتغل الألوان ضد الموضوع الذي تغلفه؟ إن هذين الفوتوغرافيين واعيان بدون شك بالخطورة المحايثة للنزعة التلوينية (colorisme) : >للصورة الفوتوغرافية بالأبيض والأسود -يقول جان كلود لومانيي- أن تثير الشعور والإحساس حينما تكون في حالة شدة وضيق. في حين أن الصورة الفوتوغرافية بالألوان لا يمكنها إلا أن تكون جميلة أو مزعجة<. إنه اختيار صعب، ذلك أنه يفرض على الفوتوغرافي إقامة توازن دقيق جدا بين المساحات الملونة، تلك المساحات التي يجب في كل مرة، في كل صورة، أن تتجلى في فرادتها كما في تفاعل بعضها مع البعض الآخر. قد يقصى التناغم الاختلافات اللونية.

فيما يخص مقاربة حمومي، فإنها تنطلق من المبدأ (المفهوم) التالي : >إن الصورة الفوتوغرافية تظهر زمنا غير”ثابت” أو”متفرد” البتة. إنه زمن ينساب. وأية صورة بالنسبة لي لن تكون أبدا بنية ثابتة. إنها نموذج حيث مجموع مكوناته متمركزة داخل فضاء وإطار وحدود تسمح برؤية مجرد وحدة اعتباطية متفق عليها<- يتعلق الأمر هنا بعودة إلى كينونة الصورة الفوتوغرافية : القبض على الزمن واقتناصه. هذا الزمن المنساب بكيفية لارجعة فيها. الزمن الذي لن يكون مطابقا لذاته. الصورة تثبيت نسبي، بل هش. لكن بفضل بناء (installation)، حدثا تشكيليا(événement plastique) كان أم ديكورا، يشيده وينتجه حمومي هو نفسه باعتباره فوتوغرافيا-تشكيليا، وذلك لتشخيص الزمن ومنحه بعدا مرئيا، تغدو الصورة الفوتوغرافية أداة وموضوعا في آن واحد. والعناصر المكونة لمقاربة حمومي تعتمد على اللحظية (انبجاس ماء، حركة يد تقبض بلا جدوى على ماء…)، استمرارية أو لا استمرارية (مجرى، نهر)، حركية (ماء) جمود (حجر)، كلها عناصر تشكل تجربة فوتوغرافية نادرة في المشهد الفوتوغرافي الوطني.

في سياق الفوتوغرافيا المادة ثمة تجربة التهامي النادرالذي يعمل ويعيش بفرنسا، تلك التجربة تمارس منذ سنة 1985بدون أدنى تنازل اختيارات تعاكس تماما كل أساليب وطرق التلقي والاستعمال المعهودة للصورة الفوتوغرافية. فالتهامي النادر يعمل على أن تكتسب الصورة الفوتوغرافية شرعية فنية نهائية. عملية إعادة النظر، من جهة، في قواعد النوع المعروف كلاسيكيا ألا وهوالبورتريه (الوجهية والواجهية والنزعة النفسية)، ومن جهة أخرى، في مفهوم الحجم (استعمال الأحجام الكبرى جدا 4×1.60، الأحجام الثلاثية (triptyque)، تمارس قطيعة مع وضع الفوتوغرافية كظاهرة ثانوية، ملحقة بوظائف إشارية وإخبارية وتجارية. إن الوعي بالواقع، “جلد ” العالم ( ظهر، يد، غشاء جنين …)، والوعي بالصورة، ” برغلة ” الفوتوغرافية ( لقطة جد مكبرة و الابيض والأسود، رفض كل نزعة حكائية سطحية …، يجابهان معا كل ما من شأنه إخضاع الصورة الفوتوغرافية لوظائف برغماتية، سواء كان ذلك بشكل مباشر أوغير مباشر. لا شك أن الفوتوغرافية مهددة دائما بأن تصبح تافهة،بل قابلة لأن يلقى بها جانبا. لذا فإن المنحى الميتافوتوغرافي، والمنحى المتحفي ) Muséographique ( للتهامي نادر يشكلان اختيارا جماليا جوهريا، ذلك أن الأفق الإنتقائي أفق مبرر موضوعيا وتاريخيا – يظل غير بعيد عن الكثير من المخاطر والمزالق المهددة لاستقلالية الفن الفوتوغرافي.

إن الفوتوغرافيا الوطنية وهي تبدو منشغلة بذاتها و/أو بالواقع، ترصد أكثر فأكثر كل ما من شأنه أن يضمن لها الإستمرارية والتجذر والتنوع. والتصنيف المقترح أعلاه ليس سوى محاولة لموضعة تاريخية وتأطير جمالي. إنه اجتزاء نسبي وغير نهائي، كما أنه محاولة لفهم فوتوغرافية في أوج مخاضها. فبقدرما يتطور المشهد السمعي البصري المغربي تنجز الفوتوغرافيا الوطنية بمختلف اتجاهاتها تقدما سواء على مستوى كيانها الداخلي ( نوعية الموضوعات، الجمالية، التقنية ) أو كيانها الخارجي ( طبع، نشر، عرض، إلخ .) إننا هنا بصدد معادلة مازالت عبارة عن مشروع في الوقت الراهن نتمنى أن تعرف عناصرها مزيدا من التطور.

الهوامش

*قدم هذا النص بمناسبة المعرض الذي نظمته مؤسسة الرعاية لبنك الوفاء شهر أبريل 1995بالدار البيضاء. وأنجزت الترجمة إلى العربية بمساعدة الصديقين كمال التومي ومحمد أمنصور.

1- بتعاون وباشتراك مع وزارة السكني والتعميرتم نشر مجموعة من المصنفات الفوتوغرافية، ابتداء من سنة 1993. حول التراث المعماري في عهد الحماية. إنها بداية مبادرة في حاجة إلى أن تتضاعف وتتنوع.

2- جدير بالذكر أن ممثلي الروبورتاج، المدرسة المسماة أيضا الانسانوية، مثل هنري كريتي برسون، وروبير دوانو، وإدوار بوبا … كانوا يعرفرن أنفسهم في بداية الثلاثينات على أنهم حرفيون.”( Artisants ) في خدمة الصحافة المكتوبة. إن فن الصورة الثابتة ينتسب بالنسبة إليهم إلى حقل الهواية ( Amateurisme ) هذا التوجه ( الدرس ) يجب ربما التمعن فيه.

3- نفضل هنا الترجمة الحرفية بدل الترجمة المقترحة من طرف الناشر: >لهيب رماد : أصيلة … ذاكرة الطفولة<، انظر المنشور الخاص بالمعرض بموازاة صدور الكتاب -الألبوم قاعة نظر (من 3 إلى 14 شتنبر 1974). نشير أيضا إلى أن نصا شعريا للطاهر بنجلون رافق الصور. العنوان /الترجمة من اقتراح لسان الشاعر أم عين المصور؟ والعنوان عنوان الديوان أم للصور.

————————————–

المراجع

– عبد الكريم الشيگر: ” الفوتوغرافيا من أجل فصل مختلف” الثقافة المغربية ( مجلة وزارة الثقافة ) العدد 7- 1992.

– العلوي الديبي: “بوادر استعمال الصورة الشخصية في المغرب” مجلة كلية الآداب- مكناس ، عدد 3- 1992

Bouvard (Michel) -“Temps et photographie” Image et idée, Université Cadi Ayad, Beni Mellal, n.2, 1992

Benïssa (Mohamed) – Grain de peau, Ed. Shoof, Casablanca, 1974

Chiguer (Abdelkrim) –

Dibi (Alaoui) –

Dubois (Philippe) – Le regard photographique de Roland Barthes, La recherche photographique, n.12, 1992

Frizot (Michel) – اHistoire de voir, photo-poche (n. 40, 41, 42), Paris, 1989

-Nouvelle Histoire de la photographie, Bordaz, Paris, 1994

Freud (Gisèle) – Photographie et société, Seuil/Points, Paris, 1975

Jobert (Michel) – Maroc extrême, maghreb du couchant (photographies de Harry Gruyaert et Jean Paul Jaouen), Ed. Jeune Afrique, Paris

Logan (Owen) – Al Maghrib, Photographs from Morocco 1983-1988, Ed. Polygon, Glasgow, 1989

Lemagny (Jean-Claude) – L’Ombre et le temps, Nathan, Paris, 1992

Maraini (Toni) – Ecrits sur l’art, Ed. Al Kalam, Casabalanca, 1990

Sayed (Daoud Aoulad) – اUn regard sur le Maroc (entretien avec Gorius) Vision90, n. 3, mai 1990

-Marocains, Paris, Contre-jour Belvisi, 1989

Tozy (Mohamed) -اOrient et Occident dans l’imaginaire politique d’un babouchier de Fès: essai d’analyse d’un mur d, Le Maghreb, l’Europe et la France (sous la direction de kacem Basfao et Michel Henry), Ed. Al Kalam, Casabalanca, 1992

Ennaji (Mohamed) -Soldats, domestiques et concubines, Ed. Eddif, Casablanca, 1994