محمد أقضاض
1- تمهيد عام
لقد افترض ستانلي هايمن وجود ناقد حديث مثالي لا تكون طريقته >إلا تركيبا لكل الطرق والأساليب العملية التي استغلها رفاقه الأحياء<، يستعير من >جميع تلك الوسائل المتضاربة المتنافسة ويركب منها خلقا سويا لا تشويه فيه<(1)، قصد بناء طريقة نقدية سامية تكاملية تقوم على >عمل يشبه البناء على أن يتم حسب خطة منظمة ذات أساس أو هيكل مرسوم<(2). هذا الافتراض الاستشرافي عند ستانلي أصبح واقعا يتحقق اعتمادا على تضافرية السميوطيقا وتنسيقها المعرفي لمجالات علمية ومنهجية مختلفة، تضافرية قائمة على قراءة العلامات الكبرى والصغرى وما تشير إليه داخل التركيب الجزئي والكلي وما توحي إليه في السياق العام الداخلي والخارجي، الكائن والممكن عبر تحليل الوحدات والمقارنات واستحضار الدلالات والتأويل استنادا إلى تحليل جسد النص وتعالقاته الداخلية وانزياحاته البرانية عبر جهاز مفهومي ومنهجي دقيق وعلمي وواضح وفعال تتطلبه طبيعة النص وخصوصيته.
هذا البناء النقدي التكاملي القائم على خطة منظمة تنسقها المعرفة الشاملة بالحقول التي تتواشج مع النصوص الروائية أصبح يتشكل ويتبلور في نقدنا الروائي المعاصر، الأمر الذي يلبس هذا النقد خصائص مميزة بارزة تجعله مختلفا عن الطرق التقليدية النقدية السابقة للزمن القصير الذي عاشته البنيوية في المغرب خاصة خلال الثمانينات، ويختلف عن هذا النقد البنيوي نفسه. لذلك يحق لنا أن نطلق عليه >النقد الروائي ما بعد البنيوي<. غيرأن هذا العنوان قد يثير بعض الإشكالات التي تصعب الإحاطة بها هنا، رغم ذلك نشير إلى بعض جوانبها.
إن النقد البنيوى لم يراكم عطاء ليشكل ظاهرة في المغرب على الأقل في تناوله للرواية، فهو لم يتجاوز بعض الدراسات اليتيمة لإبراهيم الخطيب التي تناولت دفنا الماضي لعبد الكريم غلاب، وقبور في الماء لمحمد زفزاف، ورفقة السلاح والقمر لمبارك ربيع مثلا. عالج فيها تقنيات شكلية خاصة بـ >البناء الحكائي< و>السرد< و>الواقعية< (من زاوية نظر شكلانية) و>الوظائف الدلالية<(3) ثم كتاب سعيد يقطين القراءة والتجربة (4) الذي تناول روايات مغربية من مثل بدر زمانه لمبارك ربيع، والأبله والمنسية وياسمين للميلودي شغموم، ووردة للوقت المغربي لأحمد المديني، ورحيل البحر لمحمد عز الدين التازي، درس فيه نظريا وتطبيقيا أهم التقنيات البنائية في النص الحكائي : من حكاية وسرد ووصف وشخصيات وفضاء وزمان. هذه الدراسات للخطيب وليقطين رغم طابعها التجريبي الأولي استنبتت مفاهيم ومصطلحات جديدة في النقد المغربي، وشكلت قاعدة لها أهميتها، إلى جانب الانفتاح الشامل على النقد الغربي المعاصر، للمرحلة الأخيرة من النقد الروائي المغربي. لذلك فإن تجربة النقد البنيوي للرواية في المغرب هي تجربة قصيرة زمنا، كما وكيفا، هي تجربة انتقالية ولكن لها وزنها بكونها مثلت شبه قطيعة مع النقد الروائي الكلاسيكي : الإيديولوجي والتاريخي والانطباعي، وكونت أساس >النقد البنيوي الجديد< / >النقد ما بعد البنيوي<. ورغم أن الخطيب سكت كناقد بعد إنجازه الأولي في مجال بنيوية الخطاب الروائي، فإن يقطين طور >قراءته< وتصوره النقدي معتمدا على إنجازات النقد الأوروبي في حقل السرديات.
غير أن >ما بعد< يفترض وجود >ما قبل< النقد البنيوي. و>ما قبل< يضم كل المحاولات السابقة ما قبل الثمانينات ويتوزع على المناحي التاريخية والواقعية الانعكاسية والسوسيولوجية التي امتاحت من البنيوية التكوينية. وتلتقي هذه المناحي -بتفاوت واضح- في تغييب خصوصيات النص الروائي، وفي حضور هذا النص كشاهد على مقولات إيديولوجية وسياسية وسوسيولوجية وذوقية، فلم تتراكم فيها جمالية خاصة ولم تتكامل في مسارها الزمني ولم تتلاقح بوضوح، فبقيت تشابهاتها كثيرة، ضامرة منهجا ومفاهيم.
أما المرحلة الأخيرة >ما بعد البنيوية< فهي نوعية، مارست قطيعتها مع النقد الروائي السابق ذكره، لتتخذ لنفسها استراتيجية جديدة نابعة من الإحاطة العامة بالنقد الغربي المعاصرخاصة في اتجاهاته السميوطيقية. يتجلى هذا التوجه النقدي إلى حد الآن في خمسة كتب متفاوتة النضج : دينامية النص الروائي (5) للأستاذ أحمد اليبوري، وتحليل الخطاب الروائي ثم انفتاح النص الروائي (6) لسعيد يقطين، شعرية النص الروائي (7) لقمري بشير وشخصيات النص السردي : البناء الثقافي (8) لـ سعيد بنگراد.
2- النقد الروائي ما بعد البنيوي في المغرب : الدينامية والتكاملية
ينطبع هذا النقد بطابعين عامين متكاملين هما الدينامية والتكاملية في التصور والإجراء، ومنهما تتفرع مقولات ومفاهيم وإجراءات جزئية مكونة نابعة من تعامل >المنهج< مع جسد النص. ولأن المقام لا يتسع لتناول الكتب الخمسة، فإني أقتصر على محاولة تجسيد هذا النقد بطابعيه من خلال كتاب دينامية النص الروائي.
3-دينامية وتكاملية النص الروائي
حين يعمد النقد المعاصر إلى دراسة دينامية النص الروائي يجد نفسه أمام مادة متوفرة وكثيفة، فكل وجوه وجود تبنين هذا النص هي وجوه دينامية، ولو وجدت في أنساق ستاتيكية: معيارية الكتابة، الثنائيات والمحوريات المتقابلة، دينامية تطورية لبلورة جنس النص، دينامية أجناسية داخل الجنس الواحد، دينامية نصية بتفرعاتها التناصية والميتانصية والمناصية … دينامية لغوية وشخوصية وزمانية وفضائية، دينامية داخل النص وتفاعلية بين داخل وخارج النص.
لذلك إذا تمكن الناقد من منهج واضح متناسق ومتكامل واع بإجرائيته المستقرة داخل متن النص المتعدد الانفتاحات، استطاع إبراز مكونات تلك الدينامية وتناسقها وتعالقاتها، حينذاك يجد الناقد نفسه تحت إرغامات نص متكامل، نص روائي يختزل العالم بقضاياه، ويختزل التاريخ والأزمنة والفضاءات ويختزل النصوص والأجناس، يتبنين بتفاعل وتناسق معقدين. إن دينامية-تكاملية النص الروائي هي ما يفرض تعدد وتنوع المقاربات النقدية بمشاربها المختلفة والمتباعدة والمتناقضة أحيانا، الأمر الذي يجعل هذا النص عملاقا أمام مقاربة جزئية لا تستطيع أن تأخذ كلية النص، فتقتصر أحيانا على وصف شكله وأحيانا على تفسيره وأخرى على شرحه وتذوقه. فنكون أمام مقاربات تلغي دينامية وتكاملية النص.
4- دينامية النقد الروائي ما بعد البنيوي
إن دراسة دينامية النص بما تفرضه من تكاملية تتطلب حتما >منهجا< نقديا ديناميا وتكامليا. وهو الذي نريده بالنقد الروائي ما بعد البنيوي، وهو الذي نجده، نسبيا، في الكتب المذكورة، كتب تضم دراسات قادرة على خلخلة أفق القارئ المغربي الذي ألف المقاربات الجزئية البرانية بطابعها الميكانيكي، تعمل هذه الخلخلة على إعادة تشكيل ذلك الأفق. ولعل أكثر تلك الدراسات تمثيلا لهذا “المنهج ” هي التي يحتويها كتاب الأستاذ أحمد اليبوري دينامية النص الروائي. نقف مع هذا للمنهج في هذا الكتاب لنبرز مكونات ديناميته على المستويين النظري والإجرائي.
يتناول الأستاذ اليبوري في مدخل هذه الكتاب >الدينامية< في بعديها التطوري التاريخي، والتبنين النصي. في البعد الأول نقف عند مفهوم التطورية -كمظهر للدينامية- الذي استمده من نظرية فرديناند برونتيير الذي يقوم على أن المتغيرات التي يعرفها أي جنس أدبي تحدث بالتطور الداخلي، وتحولاته مرتبطة بعلاقة الأجناس فيما بينها وبعلاقتها بالسياق التاريخي الاجتماعي. فظهور بعض تلك الأجناس ناتج عن اختفاء البعض الآخر. إلى جانب ذلك، تتحقق تلك التطورية عند برونتيير عبر مسألة >التفاعل بين الاجناس<(ص. 13)، وفي نفس البعد التطوري/التاريخي، خارج التصور البرونتييري، يتناول اليبوري الرواية من داخل نظريتها التي من أهم وجوهها التكون الجنسي (لجنس الرواية) والتكون النصي. فيقف عند ما يعتبره لوكاتش بـ >التعالق والتضافر في وجود هذا الجنس، وعند >الصيغ الخمس< التي >ركبت< الرواية عند فراي. ن، و>المقامات السردية< عند شولتز ( ص ص. 17-18). وفي نفس المستوى التركيبي للرواية يشير الناقد إلى فكرة >تفاعل< الرواية مع الأجناس البلاغية الحية، إلى جانب تفاعلها مع الأجناس الأدبية عند باختين (ص. 19). وفي تبنينها النصي يذكر ذ. اليبوري فكرة المقارنة بين الرواية والخلية عند كريزينسكي (ص. 19). واعتمادا على السميوطيقا، يتناول الناقد نظرية النص مستجمعا تعريفات متعددة متكاملة ليركب تصورا يتأسس على تلك النظرية، ويسمح بتحليل النصوص الروائية باعتبارها نصوصا مفتوحة على نصوص أخرى وعلى دلالات شتى وعلى السياق المجتمعي، فيوسع من مفهوم النص في بنيته وتناصه وتفاعله وتعالقه مستحضرا وجهات نظر يوري لوتمان وج. كريستيفا و م. ريفاتير و ج. جونيت.
إن هذا التركيب بين المعنى التاريخي بمستوييه : التطورية وتشكل نظرية الرواية والسميوطيقا حول تكون الجنس الروائي ونصه يجمع بين مجالات منهجية وتصورية وحقول مفهومية متنوعة ومختلفة واسعة تكاد تلخص تطور النقد الروائي من القرن الماضي إلى أيامنا لينجز الناقد تراكما يسمح بالتحرك المرن في المتن وخارج المتن من خلال ضبط النشأة وتفاعلاتها وضبط التبنين الأجناسي والنص بتنويعاته ومن خلال تعالق هذا التبنين مع الواقع. وما دام هذا التركيب النظري الصعب يحرر الناقد من التقيد بمجال أو منهج أو تصوروحيد، فإنه أيضا يعمل على >تركيب / تكوين< منهجي على المستوى النظري تركيبا واسعا ومفتوحا يقوم على:
– تطور الجنس الروائي ونظرية الرواية،
– تبنين النص مغلقا ومفتوحا،
– تعدد تكون النص وتفاعله،
– تنوع وتعدد الأجهزة المفهومية وحقولها،
وهي أسس تمثل عمق دينامية النقد الروائي كمنهج وتصور عند الناقد، دينامية تطورية وتفاعلية وتلاقحية وتعددية وانفتاحية.
تتخذ هذه الدينامية على مستوى الإجراء طابعا خاصا يقوم على مستويين : الجمع بين النظرية والإجراء التطبيقي أولا، ثم التركيب المنهجي والمفهومي ثانيا. يزرع الناقد في المستوى الأول، خلال الدراسات التي يضمها الكتاب، زوايا نظر وتصورات نظرية تعود إلى اتجاهات ومناهج نقدية مختلفة تتعلق بالتاريخ والأوتوبيوغرافيا وبالتطورية والنقد الإيديولوجي-السوسيولوجي، السيكولوجي وبالدراسة اللسانية والتداولية وتتعلق بالسميوطيقا السردية والبنيوية وسوسيولوجية وسيوكولوجية النص… وتقبض على مفاهيم متنوعة ومتعددة، متناسقة ومرتبطة بالتحليل النفسي وبالنيوية التكوينية وبالنظرية الباختينية وبالبنيوية الشكلانية والسميوطيقا…
ومن الواضح أن الأستاذ اليبوري قد استثمر في هذا الكتاب، كل مسيرته النقدية انطلاقا من رسالته الفن القصصي في المغرب نهاية الستينيات إلى حد الآن. ففي بعض دراسات دينامية النص الروائي نجد مفاهيم ومصطلحات الاتجاه الفني إلى جانب النقد التاريخي والنقد الاجتماعي، وهو ما طغى على تلك الرسالة في تفاعل مع البنيوية التكوينية والبنيوية السردية والموضوعاتية والدلالية والسميوطيقا والتحليل النفسي. بذلك يحقق أحد وجوه الدينامية التاريخي في بعده التطوري، ليس فقط في دراسة الجنس الروائي ونصوصه ولكن في بلورة منهجه حيث نجد تناظرا بين دينامية تطورية الجنس والنص الروائيين وبين دينامية تطورية منهجية التحليل.
5- تكاملية النقد الروائي ما بعد البنيوي
ومن أهم السمات المركزية لهذا النقد -إلى جانب ديناميته- نجد الطابع التكاملي. ولعل ما ذكرناه إلى حد الآن حول دينامية النص الروائي يؤكد بعمق هذا الطابع، ولإبرازه نعمد إلى فرز أهم عناصر >التركيب المنهجي< في الكتاب. يتوزع هذا >التركيب المنهجي< مناهجيا ومفهوميا، نظريا وإجرايا إلى :
أ- النقد الواقعي الانعكاسي بمضمونيته وإيديولوجيته وتفسيريته الاجتماعية، أحيانا الطبقية، والسياسية وتمثيلية النص للطبقة والواقع ولإديولوجية الكاتب كما في (ص. 39) مثلا، وتأثير الواقع الاجتماعي والسياسي والأدبي/الثقافي في خلق النص كما في (ص ص. 32-33).
ب- النقد البنيوي التكويني في بعده اللوكاتشي في تحليل >رواية التمرس< أثناء تصنيف الناقد لرواية المعلم علي وفي استخدام مفاهيم وتقنيات لوكاتشية من مثل >انجلاء الوهم الرومانسي< والبعد >الساخر< في الرواية و>الوعي السائد< و>الوعي الجماعي<، وبعده الغولدماني، خلال تحليل >البنيات الدالة< وإبراز >الرؤية للعالم< والحديث عن >الوعي الكائن< و>الوعي الممكن< و>التماثل<.
ج- النقد النفسي في منحاه الكلاسيكي الفرودي والمعاصر المرتبط بسيكولوجية النص، كما في دراسته لـ المرأة والوردة حيث يتم إبراز >الأنا< و>الأنا الأعلى< و>الهو< و>الحلم <، وفي بدر زمانه حيث يهتم الناقد بـ >عقدة أوديب<…
د- النقد الباختيني الذي يظهر في جل دراسات الكتاب عبر تعدد الأصوات السردية والأصوات الإيديولوجية لإنتاج مفهوم التبئير وعبر تلاقح الاجناس.
ه – النقد البنيوي اللسني حيث الوقوف عند تشظي النص الروائي إلى محكيات فرعية أو حين دراسة شكل الجملة في الرواية كما في دراسة المرأة والوردة مثلا أو حين الإشارة إلى >انشطارية تعارضية< و>متتالية سردية<(ص. 81).
و- هذه النقود/الاتجاهات النقدية تتفاعل في تناسق جلي مع مكونات مختلفة للنقد السميوطيقي في كثافة تحليل البناء السردي في كل الدراسات داخل الكتاب، وهو تحليل مرتبط بالناراتولوجيا كفرع مهم من السميوتيقا(9) و في كثافة اعتماد >دينامية العلامات< (dynamique des signes) (10) سواء كانت أسماء شخوص أو أمكنة أو أحداث دينامية تقوم على تفكيك الدال والمدلول وتوسيعه وتأويله وذلك باعتبار الدينامية وجها مهما من السميوطيقا، وتحليل >دينامية العلامات< بارز في أغلب الدراسات كما في الدراسة الأولى والدراسة الأخيرة ضمن دينامية النص الروائي، وفي قوة حضور >نظرية النص< وتفريعاتها وتشكلاتها في أبعادها التناصية والميتانصية والتسامي النصي وعتبات النص إلى جانب طبيعة النص المتعددة الدلالات والمخلخلة للغات ضمن السميوطيقا أيضا. إلى جانب ذلك وفي عمق هذا الاتجاه الدلالي يوظف الناقد بطريقة جديدة النقد >التيماتي< بصياغة موضوعات ومقولات مجردة (11) وهو نقد حاضر في جل فصول الكتاب وخاصة في دراسة رواية الغربة، هذا إلى جانب الدينامية التطورية المرتبطة بتكون الجنس الروائي ونصه وسياقاتهما ضمن الدينامية العامة.
ز- دون إهمال سوسيولوجية النص عند بيير زيما التي تعمل على إبراز مختلف المستويات النصية مثل البنيات اللسنية المتداخلة مع البنيات الاجتماعية التي يعتبرها صاحبها سميوتيقا اجتماعية جديدة (une nouvelle sémiotique sociologique) وهي التي تساعد على تناول داخل النص بعلاقته وانفتاحه على سياقه السوسيوثقافي التاريخي وهو ما يسود في دراسات الكتاب خاصة الدراسة الأولى >في التكون النصي<.
ح- ولعل الحضور الضعيف في دينامية النص الروائي من نصيب >نظرية التلقي<<، ولكنها حاضرة بشكل تلقائي سواء في مفهوم القارئ أو في >أفق الانتظار< و>تكسيره< كما في دراسة عين الفرس.
لقد جمع الناقد هذه الاتجاهات/المناهج -أحيانا- بشكل متناسق يعتمد على التلاقح والتفاعل والتكون والتركيب المنهجي ليتبلور نقد تكاملي أو >منهج/مناهج< تضافرية، ويتميز هذا التكون التكاملي بالخضوع لطبيعة النص الروائي وخصوصياته في دينامية وتكاملية، وبالخضوع لأفق معرفي واسع متنوع يتوفر عليه الناقد الذي يخضع هذا الأفق لمتطلبات النص وما يحمله من بنيات داخلية مغلقة ومنفتحة على البنيات السياقية السوسيوثقافية. وعلى تكاملية متناسقة منفلتة من الانتقائية الميكانيكية نحو إجراء جدلي مرن.
لعل كل هذا يميز ما سميناه بـ >النقد الروائي ما بعد البنيوي في المغرب< ويضفي عيه مشروعية الوجود، نقد يشكل ظاهرة تحتاج أن تدرس، ظاهرة في تعددها -أشرنا سابقا إلى خمسة مؤلفات فيها- وفي طبيعتها المنهجية التي تتحقق سواء تناولت كل النص الروائي أو تناولت تقنية جزئية معينة من خلالها يمارس الناقد هذا النوع من النقد ومن خلالها يتناول كلية النص.
———————————
هوامش
1- هايمن، ستانلي : النقد الأدبي ومدارسه الحديثة، ترجمة إحسان عباس، محمد يوسف نجم، ج. 2 دار الفكر العربي، القاهرة، ص. 245
2- نفسه، ص. 248
3- انظر مجلة آفاق عدد 4 السلسلة الجديدة، وعدد 1 من نفس السلسلة، ومجلة الثقافة الجديدة عدد 13 السنة الرابعة 1979.
4- انظر كتاب القراءة والتجربة، حول التجريب في الخطاب الروائي الجديد بالمغرب ، دار الثقافة، الدار البيضاء.
5- أحمد اليبوري : دينامية النص الروائي، منشورات اتحاد كتاب المغرب، ط 1، الرباط، 1993
6- سعيد يقطين : تحليل الخطاب الروائي و انفتاح النص الروائي، المركز الثقافي العربي، 1989
7 – بشير قمري : شعرية النص الروائي ، شركة البيادر للنشر والتوزيع، ط 1 1991
8- سعيد بنگراد : شخصيات النص السردي : البناء الثقافي سلسلة دراسات وأبحاث، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، مكناس، 1995
9-Adam , J M : Le récit , éd P U F col , Que -sais-je ;1984 p.3
10-May, Georges : Poétique; 51, 1982
11- Courtès, Joseph : Analyse sémiotique du discours , Hachette 1991, pp. 163-164-165
12- Zimma, Pierre : Manuel de socio-critique, éd, Picard 1985. p .117
المصدر : https://alamat.saidbengrad.net/?p=6758