الافتتاحيـة

Bengrad
2021-06-04T11:56:40+00:00
العدد التاسع
13 أغسطس 2020263 مشاهدة

من جديد نعود إلى العين.

ومن جديد أيضا نلتقط “البصري” لحظة تحوله إلى منبع للخلق والإبداع وصياغة المرئي نصوصا تشتهيها العين.

ومن جديد أيضا نعود إلى ” نص العين”. فاللون في العين لغات، وكذلك الشكل والخط واللطخة و” منتوجات اليد “. إنها لغات بجميع الأحجام والمواد والأشكال، فيها تثوي كل ممكنات التعبير واحتمالات الانفعال. إنها لغات تودعها العين قيما تنتشر في اللوحة وكذلك في زخرفات الأواني والنقش والنحت والوشم على أجساد العذارى وموتيفات الزرابي.

إنه التشكيل، تحويل لما يمثل أمام العين إلى نصوص تمنح الأشياء والألوان والأشكال دلالات غير دلالات وجودها الأول. دلالات ” الثقافة” تقود العين إلى اختراق المرئي والتحكم في مداراته.

إنه خطاب التشكيل أيضا، البحث في الأشياء واللوحة والوشم والنحت عن نمط البناء واشتغال الألوان والأشكال، وبحث أيضا عن سؤال الحضارة والتاريخ والثقافة.

إنها عناصر للمساءلة والبحث والتقصي. فنحن في هذا العدد نواصل التساؤل عما تقرؤه العين وما تنتجه وما تصوغه قيما تستوعبها منتوجات العين. نفعل ذلك صحبة مجموعة من الباحثين في علم الجمال وفي النقد الجمالي وفي التأمل الفلسفي، باحثون أمدونا بسخاء وبدون تردد بتجاربهم النقدية ورؤيتهم الجمالية وتصوراتهم الفنية. فجاء هذا المحور غنيا من حيث المواد وصياغة الأسئلة.

في بداية الأمركان لا بد أن نصوغ سؤال الهوية والتاريخ والمكاسب والطموحات، فجاء المقال الذي خصنا به الاستاذ خليل المرابط جوابا/احتفاء بتجربة لا تني تغتني وتتطور وتسائل وتكتشف وتعيد النظر. وكان التاريخ حاضرا في مقال عبد الرحيم كمال أيضا. فالمتحف صياغة أخرى للتاريخ. فهو ذاكرة تنظم وتصنف وتصوغ وتجرد وتعمم وتخصص. فتاريخ ممكن للفن لا يمكن أن يصاغ دون متحف ” يأوي” هذا الفن. فالزمن المعروض في القاعة يكثف الزمن الممتد في التاريخ.

ويسوق موليم العروسي جملة تساؤلات تعود إلى كيفية إدراك التجربة الفنية في صياغاتها الجمالية المتعددة. فالفن سؤال حضاري ومن ثم هو في جوهره سؤال فلسفي يشخص قيما في تجليات بصرية قوامها اللون والشكل والنور.

ويكتب كمال التومي، من جهته، مقالا يسائل فيه التجربة التشكيلية المغربية من حيث أساليب إنجازها : “التجريد وآفاته ” وضرورة التشخيص وأسئلته.

ويقرأ فريد الزاهي التجربة التشكيلية المغربية مجسدة في مجموعة من النصوص /اللوحات من خلال زاوية نقدية تعتمد الرمزي والسميائي أداة للقراءة. ومن هنا كانت قراءته قراءة في ذاكرات الحرف واللون والشكل وممكنات التدليل داخلها. وبنفس الروح التحليلية يقدم لنا عبد الرحمن طنكول قراءة في بعض لوحات الفنان بوشتى الحياني.

وجاءت مقالة بنيونس عميروش قراءة في التجربة الجمالية لموليم العروسي من خلال أحد نصوصه، ويتعلق الأمر بكتابه الموسوم : “الفضاء والجسد”

وبالإضافة إلى هذه النصوص النقدية نقدم للقارئ نصين مكثفين لكل من العروي والخطيبي حول التجربة الفنية التشكيلية. النص الأول يسائل التجربة التشكيلية من موقع المؤرخ الباحث عن وثيقة تقيه شر التجريد، والنص الثاني لمتذوق جمالي يرى في اللوحة وعاء لاستيعاب مجمل انفعالات النفس البشرية.

وتنفرد علامات بنشر بيبليوغرافيا موسعة للفن التشكيلي المغربي من شأنها أن تقدم للبحث والباحثين في هذا المجال خدمة جليلة. والبيبليوغرافيا من إنجاز الباحث محمد أمين العلوي ( الديبي).

وبالإضافة إلى مواد المحور تقدم علامات ثلاث مقالات. يسائل سعيد بنگراد في المقالة الأولى نمط البناء العلامي البورسي وإمكانية البحث داخله عن تصور أصيل للتأويل انطلاقا من مفهوم بورس المركزي : المؤول ، لا باعتباره شارحا بل باعتباره يختزن داخله آليات التأويل ومجمل إجراءاته ومستوياته. وخصنا الناقد المصري محمد عبد المطلب بنص نقدي ممتع أفرده لقراءة نصوص شعرية للشاعر المصري رفعت سلام. وفي هذه المقالة يقودنا هذا الناقد إلى قلب الدلالات رغم تمنع النص وعناده، وعبر هذا التحليل يتحول استنطاق النص على يدي هذا الناقد إلى شعرية للتأويل الشعري. وفي الثالثة يقدم أحمد الفوحي جملة ملاحظات حول كتاب ” ما هي السميولوجيا ” المنقول إلى العربية. وهي ملاحظات تتعلق بالأسلوب والتركيب والمفاهيم ، كما تهم حقوق الملكية وموقع المترجم من النص المترجم.

ولا نريد أن ننهي هذا التقديم دون أن نشيد بالصديق عبد الرحيم كمال الذي كانت له أياد بيضاء على ملف هذا العدد. فقد تتبع خطواته من البداية إلى النهاية. وله من المجلة أصدق عبارات الشكر والتقدير.

علامات