إليزيو فيرون
ترجمة : كمال التومي
يتعلق الأمر هنا بطرح عدد معين من الملاحظات للنقاش، وهي ملاحظات تتوخى إبراز إسهام السميائيات في دراسة موضوع قديم جدا، ألا وهو الإيديولوجيا. يتعلق الأمر خصوصا بتأمل في نتائج الفرضيات التالية :
الفرضية الأولى : إن مفهوم الإيديولوجيا يتعلق بمجموع الفرضيات التي صيغت حول الإنتاج الاجتماعي للمعنى، ونحن في حاجة إلى هذا الإنتاج من أجل بناء نظرية مطابقة لنمط الإنتاج الرأسمالي ( إنها نقد منصب على مقاربة ” تعيد إنتاج ” الإيديولوجيا فحسب ).
الفرضية الثانية : إن مفهوم الإيديولوجيا لا يتعلق بخصائص ومميزات كل دال، وإنما بنظام الروابط القائمة بين مجموع دال وميكانيزماته في التوليد، من جهة، وبين مقتضياته الدالة الخارجية من جهة أخرى. وبمعنى آخر، إنه يتعلق بالروابط القائمة بين سيرورة الإنتاج وشروط الإنتاج.
الفرضية الثالثة : يمكن للإيديولوجيا أن تكتسح أي مادة دالة وتغشاها (إنه الحضورالكلي والدائم للإيديولوجيا).
الفرضية الرابعة : أيا كانت المادة التي نتأملها، فإن الإيديولوجيا تتعلق بالظواهر الخِطابية (وفي هذا المجال تغدو اللسانيات والسميائيات ونظرية الإيديولجيات، مجتمعة، ملائمة).
الفرضية الخامسة : لا يوجد داخل ما هو خطابي “حيز” مفضل لما هو إيديولوجي. ولأن ما هو إيديولوجي ليس خاصية مميزة للخطابات أو النصوص، وإنما علاقة وصلة بين ما هو خطابي وما هو خارج الخطاب، فإن بوسع ما هو إيديولوجي أن يتجلى في أي مستوى من مستويات بناء المجموعات الد الة (إنه نقد ينصب على مقاربة سوسيرية يالمسليفية شكلانية للإيديولوجيا).
الفرضية السادسة : إن التقريب بين السميائيات ونظرية الإيديولوجيا، قد يتيح إمكانية تأسيس إبستيمولوجيا مادية ( تجريبية ) تطال شروط إنتاج الخطابات الاجتماعية، إبستيمولوجيا متحررة من مفارقات الإبستيمولوجيا الكلاسيكية المثالية.
الفرضية السابعة : لا يمكننا في الوقت الحاضر أن ندرس إلا إيديولوجيات بعينها. فلا وجود “لنظرية عامة” للإيديولوجيا لاتكون فلسفية خالصة.
الفرضية الثامنة : إن التمييز علم/إيديولوجيا يتعلق بأثر المعنى وليس بالإنتاج. ولا يمكننا أن نضع تمييزا بين العلم والإيديولوجيا على مستوى “قواعد الإنتاج “. إن كل خطاب اجتماعي هو خاضع لشروط إنتاج محددة. بيد أن هذا التمييز بين العلم والإيديولوجيا يكون ممكنا وضروريا على مستوى ” قواعد التشخيص “.
الفرضية التاسعة : إن مفهوم الإيديولوجيا يتعلق ببعد خاص يتميز به الاشتغال الاجتماعي بالمواد الدالة. إن هذا الاشتغال يتخذ شكل نظام معقد من العمليات الخطابية.
الفرضية العاشرة : من بين المواد الدالة التي تكتسحها الإيديولوجيا وتغشاها، ثمة مادة مهمة على نحو خاص إنها السلوك. إن اشتغال الإيديولوجيا، وفق نظرية الإيديولوجيات، يتلخص في تحويل السلوكات إلى ممارسات.
المصدر : https://alamat.saidbengrad.net/?p=6975