مع صدورالعدد الثالث، تكون قد مرت سنة على انطلاق علامات، وهو ما يستدعي وقفة تأمل قصد إجراء تقويم أولي لهذه الفترة من عمر المجلة.
إن جل النواقص التي ميزت هذه التجربة تعود إلى كوننا وجهنا كل اهتمامنا في المرحلة الأولى إلى ضمان إصدارالمجلة، مما يعني الانكباب كلية على المشاكل العملية (المضنية) التي كانت تعترض طريقنا. ولن نبالغ إذا قلنا إن إصداركل عدد من المجلة كان بمثابة مغامرة مجهولة العواقب يتربص بها الفشل من كل جانب. وإننا كنا نواجه المشاكل ونتغلب على العراقيل من خلال قوة نستمدها من الحلم الذي دفعنا في البداية إلي خوض غمار هذه التجربة، قوة نستمدها أيضا من الرغبة في توسيع تلك الرقعة الضيقة التي تسكنها الثقافة في بلادنا، الثقافة كفعل يخترق المجتمع : يحاور ويرفض ويشكك ويشدنا دائما إلى الآتي.
إننا أقدمنا على إصدار علامات لتكون مجالا رحبا للبحث العلمي، وإطارا للتواصل والحواربين مختلف المهتمين بقضايا الأدب واللغة والتخصصات المجاورة؛ ومن أجل هذا، وفي أفق فتح حوار فعلي بين مجموع المهتمين، تقترح المجلة ابتداء من العدد الرابع صيغة المحاور. و هكذا ، وبالإضافة إلى المواد المتنوعة التي ستعمل المجلة على نشرها، سنخصص حيزا كبيرا من كل عدد لمحور بعينه. وتقترح المجلة في البداية الاشتغال على المحاورالتالية :
– الجسد و اللغة الايمائية،
– البلاغة قديما و حديثا ،
– نص الصورة : الخطاب البصري .
وإذا كنا على يقين بأن التجربة التي أقدمنا على خوضها لازالت في بدايتها، و أن الطريق لازال طويلا أمامنا، فإننا أيضا على يقين بأن ما أنجزناه يعد خطوة نحو إرساء قواعد جديدة للفعل الثقافي .
ونقترح في هذا العدد على قراء علامات مجموعة من المقالات الجادة. فنقرأ في البداية مقالة للناقد الماركسي الشهير تيري إيجلتون حول نظرية التلقي التي حظيت في صيغتها الألمانية، ياوس و إيزار، باهتمام كبير وذلك بعد استنفاد البنيوية والنقد النصي لكل إمكاناتهما. إن هناك تغييرا للبراتيگم وذلك بنقل التشديد على عناصر خارج النص. ومما يغري بقراءة هذه المقالة الترجمة الرائعة التي أنجزها الأستاذ الخطابي. وإلى جانب هذا نقرأ مقالة للأستاذ ميري تنصب أسئلتها الرئيسية على النقد ومساراته وعلى مفهوم الحداثة في الكتابة وفي النقد، عند العرب وعند الغرب. بعد هذين المقالين نقرأ مقالة حول المخيال والرمزية والواقعية منظورا إليهم من منطلقات سميائية و خاصة سميائيات بورس. ويكتب الأستاذ البوشيخي مقالة حول الإبداع الشعري من زاوية فعل ميكانيزمات العملية الإبداعية ذاتها: هل هناك ملكة شعرية أم الأمر يتعلق بشيء آخر؟ هذا ما تحاول هذه المقالة الإجابة عنه.
إلى جانب هذا، نقرأ مقالة لجويل رضوان تناقش فيها المشاكل النظرية للترجمة في الشعر وفي المسرح وفي النصوص الأدبية بصفة عامة. وفي مجال اللسانيات نقدم مقالة لليفن عن وضع الصورالذهنية والصور اللفظية؛ وأصول التسميتين أصول بلاغية. واستند ليفن في تمييزاته هاته إلى التداولية. ومن موقع التداولية أيضا يترجم الأستاذ خالد أمين مقالة لبافيس عن خصائص الخطاب المسرحي: موقع الملفوظ و التلفظ داخل الوضعية المسرحية ، التشكيلات الخطابية وتقاطعها مع ميكانيزمات التلفظ.
ولن ننسى في الأخير أن نخص بالشكر والتقدير والاحترام الأصدقاء والزملاء والطلبة والقراء عامة الذين قدروا هذه المبادرة وشجعوها، كل حسب امكاناته، منذ صدورالعدد الاول. فلهؤلاء جميعا نهدي هذا العدد، ولهم نقول : سنستمر و إياكم .
المصدر : https://alamat.saidbengrad.net/?p=6671